في هذه الآية تقريع من نوح (ع) لقومه علي صورة الاستفهام بأنهم عجبوا أن جاءهم ذكر من ربهم. و إنما دخل الاستفهام معني التقريع، لأن المجيب لا يأتي الا بما يسوء من القبيح، فهو إنكار و تقريع، و قد يدخل معني التمني، لأنه بمنزلته في انه طلب، لأن يکون أمر، و إنما فتحت الواو في قوله «أو عَجبتم» لأنها واو العطف دخل عليها ألف الاستفهام، فالكلام مستأنف من وجه، متصل من وجه، کما أن المبتدأ في خبر الأول بهذه الصفة.
و التعجب تغير النفس بما خفي سببه، و خرج عن العادة مثله، لأنه لا مثل له في العادة. و الذكر حضور المعني للنفس، و الذكر علي وجهين: ذكر البيان و ذكر البرهان، فذكر البيان إحضار المعني للنفس، و ذكر البرهان الشهادة بالمعني في النفس، و كلا الوجهين يحتمل في الآية.
و قوله «عَلي رَجُلٍ مِنكُم» فالرجل هو إنسان خارج عن حد الصبي من الذكران، و کل رجل انسان، و ليس کل انسان رجلًا، لأن المرأة انسان.