هذا اخبار من اللّه تعالي عن قوم نوح أنه لم ينفع فيهم ذلک التخويف و لا الوعظ و الزجر، و أنهم كذبوه يعني نوحاً. و معناه أنهم نسبوا خبره الي الكذب، لأن التكذيب نسبة الخبر الي الكذب، و التصديق نسبة الخبر الي الصدق، و هذا مما يختلف فيه معني (فعَّل، و فَعَل).
و قوله «فأنجيناه» إخبار من اللّه تعالي انه أنجي نوحاً، و الانجاء هو التخليص من الهلكة، و الإهلاك الإيقاع فيها و هي المضرة الفادحة. «و من معه» يعني و أنجي من معه من المؤمنين به «في الفلك» و هي السفن و يقع علي الواحد و الجمع بلفظ واحد، و أصله الدور مشتق من قولهم: فلك ثدي الجارية، إذا استدار، و منه الفلكة و الفَلك من هذا، لأنه يدور علي الماء كيف أداره صاحبه.
و قوله «وَ أَغرَقنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا» و الإغراق هو الغوص المتلف في الماء، و أصله الغوص في الشيء، فمنه أغرق في النزع، و لا تغرق في هذا الأمر.
و قوله «إِنَّهُم كانُوا قَوماً عَمِينَ» فيه بيان أنه إنما أغرقهم و أهلكهم، لأنهم كانوا عمين. و العمي الضلال عن طريق الهدي، فهم كالعمي في أنهم لا يبصرون طريق الرشد، فهم عمي عن الحق.
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 4 صفحة : 440