و فيها دلالة علي وجوب المعرفة و أنها ليست ضرورية، لأن اللّه تعالي بين الحجاج عليهم في هذه الآية ليعرفوا صحة ما دعا الرسول اليه، و لو كانوا يعرفون الحق ضرورة لم يكونوا مقلدين لآبائهم و کان يجب أن يکون آباؤهم أيضاً عارفين ضرورة، و لو كانوا كذلك لما صح الاخبار عنهم بأنهم لا يعلمون شيئاً و لا يهتدون. و انما نفي عنهم الاهتداء و العلم معاً لان بينهما فرقاً، و ذلک أن الاهتداء لا يکون إلا عن بيان و حجة. و العلم مطلق و قد يکون الاهتداء ضرورة.
و «أنفسكم» نصب علي الإغراء كأنه قال: احفظوا أنفسكم أن تزلوا کما زل غيركم. و العرب تغري ب (عليك، و اليك، و دونك، و عندك) فينصبون الأسماء بها، و لم يغروا ب (منك) کما أغروا ب (اليك)، لأن (اليك) أحق بالتنبيه من (منك). و الإغراء تنبيه علي ما يجب أن يحذر، و لذلك لم يغروا ب (فيك) و نحوها من حروف الاضافة. و حكي المغربي: أنه سمع من يغري ب (وراءك) و (قدامك).
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 4 صفحة : 40