مباحان بلا خلاف.
و قوله «مِمّا ذُكِرَ اسمُ اللّهِ عَلَيهِ» فالذكر المسنون هو قول بسم اللّه.
و قيل کل اسم يختص اللّه تعالي به أو صفة مختصة كقوله بسم اللّه الرحمن الرحيم أو بسم القدير أو بسم القادر لنفسه أو العالم لنفسه، و ما يجري مجري ذلک. و الاول مجمع علي جوازه و الظاهر يقتضي جواز غيره، و لقوله «قُلِ ادعُوا اللّهَ أَوِ ادعُوا الرَّحمنَ أَيًّا ما تَدعُوا فَلَهُ الأَسماءُ الحُسني».[6]
و قوله «فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسمُ اللّهِ عَلَيهِ» خطاب للمؤمنين و فيه دلالة علي وجوب التسمية علي الذبيحة، لان الظاهر يقتضي أن ما لا يسمي عليه لا يجوز أكله بدلالة قوله «إِن كُنتُم بِآياتِهِ مُؤمِنِينَ» لان هذا يقتضي مخالفة المشركين في أكلهم ما لم يذكر اسم اللّه عليه، فأما ما لم يذكر اسم اللّه عليه سهوا أو نسيانا فانه يجوز أكله علي کل حال. و الآية تدل علي أن ذبائح الكفار لا يجوز أكلها، لأنهم لا يسمون اللّه عليها. و من سمي منهم لأنه لا يعتقد وجوب ذلک بل يعتقد ان ألذي يسميه هو ألذي أبدي شرع موسي أو عيسي و كذب محمّد بن عبد اللّه، و ذلک لا يکون اللّه، فإذا هم ذاكرون اسم شيطان و الاسم انما يکون المسمي مخصوص بالقصد. و ذلک مفتقر الي معرفته و اعتقاده، و الكفار علي مذهبنا لا يعرفون اللّه تعالي، فكيف يصح منهم تسميته تعالي!؟ و في ذلک دلالة واضحة علي ما قلناه.
و معني قوله «إِن كُنتُم بِآياتِهِ مُؤمِنِينَ» ان كنتم عرفتم اللّه و عرفتم رسوله و صحة ما أتاكم به من عند اللّه، و هذا التحليل عام لجميع الخلق و ان خص به المؤمنين بقوله «إِن كُنتُم بِآياتِهِ مُؤمِنِينَ» لان ما حلل اللّه للمؤمنين، فهو حلال لجميع المكلفين و ما حرم عليهم حرام علي الجميع.
وَ ما لَكُم أَلاّ تَأكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسمُ اللّهِ عَلَيهِ وَ قَد فَصَّلَ لَكُم ما حَرَّمَ عَلَيكُم إِلاّ مَا اضطُرِرتُم إِلَيهِ وَ إِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهوائِهِم بِغَيرِ عِلمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِالمُعتَدِينَ (119)