اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 4 صفحة : 205
الاسم علي ضربين: أحدهما- ان يکون اسما منصرفا كالافتراق. و الآخر- ان يکون ظرفا فمن رفعه رفع ما کان ظرفا استعمله اسماً و يدل علي جواز كونه اسماً قوله: «هذا فِراقُ بَينِي وَ بَينِكَ»[6] و قوله «مِن بَينِنا وَ بَينِكَ حِجابٌ»[7] فلما استعمل اسماً في هذه المواضع جاز ان يسند اليه الفعل ألذي هو تقطع في قراءة من رفع. و يدل علي ان هذا المرفوع هو ألذي استعمل ظرفا انه لا يخلو من ان يکون ألذي هو ظرف اتسع فيه او يکون ألذي هو مصدر و لا يجوز ان يکون ألذي هو مصدر، لان التقدير يصير لقد تقطع افتراقكم، و هذا خلاف المعني المراد، لان المراد لقد تقطع وصلكم، و ما كنتم تتألفّون عليه.
فان قيل كيف جاز ان يکون بمعني الوصل و أصله الافتراق و التباين و علي هذا قالوا: بان الخليط إذا فارق، و في الحديث ما بان من الحي فهو ميتة!؟.
قيل: انه لما استعمل مع الشيئين المتلابسين نحو بيني و بينك شركة، و بيني و بينه صداقة و رحم صار لذلك بمنزلة الوصلة و علي خلاف الفرقة فلذلك صار «لَقَد تَقَطَّعَ بَينَكُم» بمعني لقد تقطع وصلكم و مثل بين في انه يجري في الكلام ظرفا ثم يستعمل اسماً بمعني (وسط) ساكن العين ألا تري أنهم يقولون:
جلست وسط القوم، فيجعلونه ظرفاً لا يکون الا كذلك، و قد استعملوه اسما کما قال الشاعر:
من وسط جمع بني قريظة بعد ما هتفت ربيعة يا بني خوَّات
و حكي سيبويه: هو احمر بين العينين. و اما من نصب بينكم ففيه وجهان:
أحدهما- انه أضمر الفاعل في الفعل و دل عليه ما تقدم من قوله: «وَ ما نَري مَعَكُم شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمتُم أَنَّهُم فِيكُم شُرَكاءُ» لان هذا الكلام فيه دلالة علي التقاطع و التهاجر و ذلک المضمر هو الأصل، كأنه قال لقد تقطع وصلكم بينكم و الثاني- ان يکون علي مذهب أبي الحسن ان يکون لفظه منصوبا و معناه مرفوعاً، فلما جري في كلامهم منصوبا ظرفا تركوه علي ما يکون عليه