«قُل هذِهِ سَبِيلِي»[1].
و من قرأ بالياء فانه ذكَّر السبيل، لأنه الطريق. و هو يذكر، کما قال «وَ إِن يَرَوا سَبِيلَ الرُّشدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا»[2].
و من قرأ بالتاء، و نصب (السبيل) أراد أن يکون خطابا للنبي (ص) كأنه قال: و لتستبين أنت يا محمّد سبيل المجرمين. و النبي (ص) و ان کان مستبينا لطريق المجرمين عالما به فيجوز أن يکون ذلک علي وجه التأكيد، و لان يستديم ذلک. و يحتمل أن يکون المراد به الامة، فكأنه قال ليزداد استبانة، و لم يحتج ان يقول: و لتستبين سبيل المؤمنين، لان سبيل المجرمين إذا بانت، فقد بان معها سبيل المؤمنين، لأنها خلافها. و يجوز ان يکون المراد، و لتستبين سبيل المجرمين و لتستبين سبيل المؤمنين، و حذف إحدي الجملتين لدلالة الكلام عليه، کما قال «سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ»[3] و لم يقل تقيكم البرد، لان الساتر يستر من الحر و البرد، لكن جري ذكر الحر، لأنهم كانوا في مكانهم أكثر معاناة له من البرد، و كذلك سبيل المجرمين، خص بالذكر، لان الكلام في وصفهم، و ترك ذكر المؤمنين لدلالة الكلام عليه. و هذه الآية معطوفة علي الآيات الّتي احتج اللّه بها علي مشركي العرب، و غيرهم فلذلك قال «و كذلك» أي کما قدمنا «نُفَصِّلُ الآياتِ» أي نميزها و نبينها و نشرحها لتلزمهم الحجة و «لِتَستَبِينَ سَبِيلُ» من عاند بعد البيان أو ذهب عن فهم ذلک بالاعراض عنه لمن أراد التفهم منهم، و من المؤمنين ليجانبوها و يسلكوا غيرها.
قُل إِنِّي نُهِيتُ أَن أَعبُدَ الَّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قُل لا أَتَّبِعُ أَهواءَكُم قَد ضَلَلتُ إِذاً وَ ما أَنَا مِنَ المُهتَدِينَ (56)