اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 472
و قوله: «فَأَغرَينا بَينَهُمُ» قال مجاهد و قتادة و إبن زيد و السدي و الجبائي:
معناه بين اليهود و النصاري. و قال الربيع و الزجاج و الطبري:
معناه بين النصاري. و هو ما وقع بينهم من الخلاف نحو الملكية، و هم الروم و النسطورية و اليعقوبية من العداوة. و أصل الإغراء تسليط بعضهم علي بعض.
و قيل: معناه التحريش. و أصله اللصوق. يقال: غريت بالرجل غري- مقصور و ممدود- و معناه لصقت به. قال كثير:
و أغريت زبداً بكذا حتي غري به. و منه الغراء ألذي يغري به للصوق و الإغراء بالشيء معناه الإلصاق من جهة التسليط. و انما أغري بينهم بالأهواء المختلفة في الدين في قول إبراهيم. و قيل: بإلقاء البغضاء بينهم- عن الحسن و قتادة- و قيل:
يأمر بعضهم أن يعادي بعضاً في قول أبي علي فكأنه يذهب إلي ما تقدم من الامر لهم بمعاداة الكفار. و ألذي يقوله أن الوجه في إغراء اللّه فيما بينهم أنه امر النصاري بمعاداة اليهود فيما يفعله اليهود من القبيح في التكذيب بالمسيح، و شتم امه، و القذف لها و الغرية عليها، و اضافتها اليه تعالي، و وصفها بما لا يليق، و امر اليهود بمعاداة النصاري في اعتقادهم التثليث، و ان المسيح إبن اللّه و غير ذلک من اعتقاداتهم الفاسدة، نقضوا هذا الميثاق و اعرضوا عنه حتي صار بمنزلة المنسي فكان في ذلک أمر کل واحد منهما بالطاعة، فان قيل يمنع من ذلک قوله: «فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغرَينا بَينَهُمُ العَداوَةَ وَ البَغضاءَ» فجعل اغراءه لهم بالعداوة جواباً لقوله: «فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ» لان الفاء تدل علي الجواب. و إذا كانت جواباً، وجب أن يکون (تعالي) إنما أغري بينهم لأجل نسيانهم للحظ ألذي ذكروا به، و انه عاقبهم بهذا الإغراء، و ليس في الامر و النهي و العبادات عقوبات- بلا خلاف- فدل جوابه بالفاء في قوله: «فأغرينا» عقيب قوله: «فنسوا حظاً» علي أنه عاقب بالإغراء لا علي ما قلتموه! قيل: قوله: «فَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ» جوابه و انه فعل هذا الإغراء، لأجل نسيانهم. غير أنه ليس بعقوبة، و ان کان جواباً. فكا
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 472