اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 469
و بينهم، و غدروا بك، فان ذلک من عادتهم، و عادات أسلافهم، لاني أخذت ميثاق سلفهم علي عهد موسي علي طاعتي، و بعثت منهم اثني عشر نقيباً، فنقضوا ميثاقي، و نكثوا عهدي، فلعنهم بنقضهم ميثاقهم. و في الكلام محذوف اكتفي بدلالة الظاهر عليه. و المعني فمن كفر بعد ذلک منكم، فقد ضل سواء السبيل، فنقضوه، فلعنتهم فبما نقضهم ذلک لعناهم فاكتفي بقوله: فيما نقضهم من ذكر فنقضوا.
(و ما) زائدة و التقدير فبنقضهم (و ما) مؤكدة. و هو قول قتادة و جميع المفسرين و مثله قول الشاعر:
لشيء ما يسود من يسود
و الهاء و الميم كنايتان عن بني إسرائيل و اللعن هو الطرد للسخط علي العبد، و هو الابعاد من رحمة اللّه علي جهة العقوبة. و قال الحسن: هو المسخ ألذي کان فيهم حين صاروا قردة، و خنازير. و معني جعلنا- ها هنا- قال البلخي: سميناها بذلك عقوبة علي كفرهم، و نقض ميثاقهم. قال: و يجوز أن يکون المراد ان اللّه بكفرهم لم يفعل بهم اللطف ألذي تنشرح به صدورهم کما يفعل بالمؤمن. و ذلک مثل قولهم: أفسدت سيفك: إذا تركت تعاهده حتي صدئ. و يقولون: جعلت أظافيرك سلاحك: إذا لم تقصها. و يشهد للأول قوله تعالي: «وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الجِنَّ» و أراد بذلك انهم سموا للّه شركاء. و قال ابو علي: هو البيان عن حالهم، و جفا قلوبهم عن الايمان باللّه و رسوله، کما يقال: جعلته فاسقاً مهتوكا: إذا أبان عن حاله للناس.
و معني قاسية. أي يابسة يقال للرحيم: لين القب، و لغير الرحيم: قاسي القلب. و القاسي و القاسح- بالحاء- الشديد الصلابة. و يقال: قسا يقسو قسوة و منه «فَهِيَ كَالحِجارَةِ أَو أَشَدُّ قَسوَةً» و قسية أشد مبالغة. و قاسية أعرف و أكثر في الاستعمال. و قال ابو عبيدة: قاسية معناه فاسدة من قولهم: درهم قسي أي زائد قال أبو زبيد:
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 469