و لو كانت حية لاحتاجت إلي أرواح أخر و أدي إلي ما لا يتناهي فضعف الخبر من هذا الوجه. و في النّاس من قال: إن تأويل الآية اخبار عن صفة حال الشهداء في الجنة من حيث فسد القول بالرجعة، و هذا ليس بشيء لأنه خلاف الظاهر، و لأن أحداً من المؤمنين لا يحسب أن الشهداء في الجنة أموات، و أيضاً، فقد وصفهم اللّه بأنهم أحياء فرحون في الحال، لأن نصب فرحين هو علي الحال.
و قوله: (لَم يَلحَقُوا بِهِم مِن خَلفِهِم) يؤكد ذلک، لأنهم في الآخرة قد لحقوا بهم، و معني الآية النهي عن أن يظن أحد أن المقتولين في سبيل اللّه أموات.
و الخطاب للنبي (ص)، و المراد به جميع المكلفين، کما قال: «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ» و أنه ينبغي أن يعتقد أنهم «أَحياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللّهُ» و بهذا قال الحسن، و عمرو بن عبيد، و واصل بن عطاء و اختاره الجبائي، و الرماني، و أكثر المفسرين. و قال بعضهم و ذكره الزجاج: المعني و لا تحسبنهم أمواتاً في دينهم بل هم أحياء في دينهم، کما قال: «أَ وَ مَن كانَ مَيتاً فَأَحيَيناهُ» الآية[1] و قال البلخي معناه: لا تحسبنهم کما يقول الكفار أنهم لا يبعثون بل يبعثون، و هم «أَحياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُونَ فَرِحِينَ». و قال قوم: إن أرواحهم تسرح في الجنة و تلتذ بنعيمها، فهم «أَحياءٌ عِندَ رَبِّهِم» و قوله: «عِندَ رَبِّهِم» قيل في معناه قولان: أحدهما- أنهم بحيث لا يملك لهم أحد نفعا و لا ضرا إلا ربهم و ليس المراد بذلك قرب المسافة لأن ذلک من صفة الأجسام و ذلک مستحيل عليه تعالي.
و الوجه الآخر- عند ربهم أحياء من حيث يعلمهم كذلك دون النّاس- ذكره أبو علي-.
و قوله: «بَل أَحياءٌ» رفع علي أنه خبر الابتداء، و تقديره بل هم أحياء، و لا يجوز فيه النصب بحال، لأنه کان يصير المعني بل احسبنهم أحياء، و المراد بل