و قوله: «وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلٌّ لَكُم» رفع بالابتداء «و حل لكم» خبره و ذلک يختص عند اكثر أصحابنا بالحبوب، لأنها المباحة من أطعمة اهل الكتاب، فاما ذبائحهم و کل مائع يباشرونه بأيديهم فانه نجس و لا يحل استعماله و تذكيتهم لا تصح لان من شرط صحتها التسمية، لقوله: و لا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه و هؤلاء لا يذكرون اسم اللّه. و إذا ذكروه قصدوا بذلك اسم من ابد شرع موسي أو عيسي أو اتخذ عيسي ابناً. و كذب محمداً (صلي اللّه عليه و آله) و ذلک غير اللّه. و قد حرم اللّه ذلک بقوله: «وَ ما أُهِلَّ لِغَيرِ اللّهِ بِهِ» علي ما مضي القول فيه و اكثر المفسرين علي أن قوله: «وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ» المراد به ذبائحهم و به قال قوم من أصحابنا: فمن ذهب اليه الطبري و البلخي و الجبائي و اكثر الفقهاء، ثم اختلفوا، فمنهم من قال: أراد بذلك ذباحة کل كتابي ممن أنزل عليه التوراة و الإنجيل، أو ممن دخل في ملتهم و دان بدينهم، و حرم ما حرموا، و حلل ما حللوا. ذهب اليه إبن عباس و الحسن و عكرمة و سعيد بن المسيب، و الشعبي و إبن جريج، و عطا و الحكم و قتادة. و أجازوا ذبائح نصاري بني تغلب و قال آخرون:
إنما عني به الّذين أنزلت التوراة و الإنجيل عليهم، و من کان دخيلا فيهم من سائر الأمم، و دان بدينهم، فلا تحل ذبائحهم. حكي ذلک الربيع عن الشافعي من الفقهاء.
و رواه سعيد بن جبير عن إبن عباس. و قال مجاهد، و ابراهيم و إبن عباس و قتادة و السدي و الضحاك، و إبن زيد و ابو الدرداء و إن اطعام الّذين أوتوا الكتاب ذبائحهم و غيرها من الاطعمة.
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 444