اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 342
تسمية عيسي بانه إبن اللّه، لان هذه اللفظة لا تستعمل حقيقتها إلا في من خلق من مائه أو ولد علي فراشه، و مجازها في من يجوز ذلک فيه. و لذلك لا يجوز أن يتخذ الشاب شيخا ابناً، و ان جاز ان يتبني بصبي، و لا يجوز أن يتخذ البهيمة ابناً، لما لم يجز أن تكون مخلوقة من مائه علي وجه.
و الحنيفية الّتي أمر اللّه نبيه بأن يتبع ابراهيم فيها عشرة أشياء: خمسة في الرأس و خمسة في الجسد. فالتي في الرأس: المضمضة. و الاستنشاق، و السواك، و قص الشارب، و الفرق لمن يکون طويل الشعر، و الّتي في الجسد: فالاستنجاء، و الختان، و حلق العانة، و نتف الإبط و قص الاظفار و جميع ذلک مستحب الا الختان و الاستنجاء، فإنهما واجبان. و فيه خلاف ذكرناه في الخلاف. و قال الجبائي كلما کان تعبد اللّه به ابراهيم، فانه تعبد به النبي (ص) و أمته و زاده أشياء لم يتعبد بها ابراهيم (ع) و عموم الآية يقتضي ما قاله، و إن کان ذلک شرعا لنبينا من حيث اعلمه اللّه ذلک، و تعبده به بوحي من جهته.
قوله تعالي: [سورة النساء (4): آية 126]
وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الأَرضِ وَ كانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيءٍ مُحِيطاً (126)
- آية- لما ذكر اللّه تعالي انه اتخذ ابراهيم خليلا لطاعته ربه و إخلاصه له العبادة، و مسارعته الي رضاه، بين ذلک بفضله لا من حاجة الي خلته فقال: و كيف يحتاج الي خلته من له ما في السماوات و الإرض من قليل و كثير ملكا، و مع ذلک مستغن عن جميع خلقه. و جميع الخلق يحتاجون اليه فكيف يحتاج الي خلة ابراهيم، لكنه اتخذه خليلا لمسارعته الي رضاه و امتثاله ما يأمره به.