آياتكم علي أصحاب الصغائر. فقد تعارضت الآيات و وقفنا و جوزنا العفو بمجرد العقل، و هو غرضنا و قد استوفينا ما في ذلک في الأصول في باب الوعيد من أراده وقف عليه من هناك. و قوله: (وَ مَن يُشرِك بِاللّهِ فَقَدِ افتَري إِثماً عَظِيماً) معناه من يشرك باللّه، فقد كذب، لأنه يقول: إن عبادته يستحقها غير اللّه. و ذلک افتراء، و كذب. و قوله: «إِثماً عَظِيماً» نصب علي المصدر فكأنه قال: افتري، و أثم «اثماً عظيماً» لأن افتري بمعني أثم، فلذلك نصب المصدر به. و قال إبن عمر:
لما نزل قوله: «إِنَّ اللّهَ يَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً» ظن أنه تعالي يغفر الشرك أيضاً، فانزل اللّه هذه الآية. و قال إبن عمر: ما كنا نشك معشر أصحاب رسول اللّه (ص) في قاتل المؤمن، و آكل مال اليتيم و شاهد الزور، و قاطع الرحم، حتي نزلت هذه الآية فأمسكنا عن هذه الشهادة. و هذا يدل علي أن الصحابة كانت تقول بما نذهب إليه من جواز العفو عن فساق أهل الملة من غير توبة، بخلاف ما يذهب إليه أصحاب الوعيد من المعتزلة، و الخوارج، و غيرهم.
أَ لَم تَرَ إِلَي الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشاءُ وَ لا يُظلَمُونَ فَتِيلاً (49)
- آية بلا خلاف-.
قد فسرنا معني «أَ لَم تَرَ إِلَي الَّذِينَ» فيما مضي، و أن معناه أ لم تعلم في قول أكثر أهل العلم، و اللغة و قال بعضهم: معناه أ لم تخبر و فيه سؤال علي وجه الاعلام.
و تأويله اعلم قصتهم أ لم ينته علمك إلي هؤلاء الّذين يزكون أنفسهم! و قيل في معناه قولان:
أحدهما- قال الحسن، و الضحاك، و قتادة، و إبن زيد،
و هو المروي عن أبي جعفر (ع):1» انهم اليهود، و النصاري في قوله: «نَحنُ أَبناءُ اللّهِ وَ أَحِبّاؤُهُ»«