اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 169
بالمال، و التطاول علي النّاس الترفع عليهم، و كذلك الاستطاعة، و تقول: طال فلان طولا، أي كأنه فضل عليه في القدرة، و قد طالت طولك و طيلك أي طالت مدتك، قال الشاعر:
انا محيوك فاسلم أيها الطلل و إن بليت و إن طالت بك الطيل[1]
و الطول الحبل.
المعني:
و في الآية دلالة علي أنه لا يجوز نكاح الأمة الكتابية، لأنه قيد جواز العقد علي الإماء إذا كن مؤمنات، و هو قول مالك بن أنس، و مجاهد، و سعيد بن عبد العزيز، و أبي بكر بن عبد اللّه بن أبي مريم، و الحسن، و الطبري، و قال أبو ميسرة، و أبو حنيفة، و أصحابه: يجوز ذلک، لأن التقييد هو علي جهة الندب دون التحريم، و الأول أقوي، لأنه الظاهر، و ما قالوه عدول عنه. و منهم من قال:
لأن التأويل: من فتياتكم المؤمنات دون المشركات من عبدة الأوثان، بدلالة الآية الّتي في المائدة، و هي قوله تعالي: «وَ المُحصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبلِكُم»[2] و هذا ليس بشيء، لأن الكتابية لا تسمي مؤمنة. و من أجاز العقد علي الكتابية له أن يقول: آية المائدة مخصوصة بالحرائر منهن دون الإماء، و ظاهر الآية يقتضي أن من وجد الطول من مهر الحرة و نفقتها، و لا يخاف العنت، لا يجوز له تزويج الأمة، و إنما يجوز العقد عليها مع عدم الطول، و الخوف من العنت. و هو مذهب الشافعي، غير أن أكثر أصحابنا قالوا: ذلک علي وجه الأفضل، لا أنه لو عقد عليها و هو غني کان العقد باطلا، و به قال أبو حنيفة، و قووا ذلک بقوله:
«وَ لَأَمَةٌ مُؤمِنَةٌ خَيرٌ مِن مُشرِكَةٍ»[3] إلا أن من شرط صحة العقد علي الأمة عند أكثر الفقهاء، أن لا تكون عنده حرة، و هكذا عندنا، إلا أن ترضي الحرة
[1] قائله القطامي ديوانه: 32 و جمهرة الاشعار: 313 و الطيل جمع طيلة و هي الدهر. [2] سورة المائدة: آية 6. [3] سورة البقرة: آية 221.
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 169