امتلأ غضباً لم ينتقم، و كظم البعير، و الناقة إذا لم تجر. و الكظامة القناة الّتي تجري تحت الإرض، سميت بذلك، لامتلائها بالماء كامتلاء القربة المكظومة. و يقال:
أخذ بكظمه أي بمجري نفسه، لأنه موضع الامتلاء بالنفس. و كظامة الميزان المسمار ألذي يدور فيه اللسان، لأنه يشده و يعتمد عليه. و الفرق بين الغيظ، و الغضب أن الغضب ضد الرضا، و هو ارادة العقاب المستحق بالمعاصي، و لعنه. و ليس كذلك الغيظ، لأنه هيجان الطبع بكره ما يکون من المعاصي، و لذلك يقال غضب اللّه علي الكفار، و لا يقال اغتاظ منهم.
و روي عن النبي (ص) أنه قال: (ما من جرعة يتجرعها الرجل أو الإنسان أعظم أجراً من جرعة غيظ في اللّه)
و في الآية دلالة علي جواز العفو عن المعاصي و إن لم يتب، لأنها دلت علي الترغيب في العفو من غير إيجاب له بإجماع المسلمين.
و قوله «وَ اللّهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ» معناه يريد اثابتهم و تنعيمهم. و المحسن يحتمل أمرين:
أحدهما- من هو منعم علي غيره علي وجه عار من وجوه القبيح. و يحتمل أن يکون مشتقاً من الافعال الحسنة الّتي منها الإحسان إلي الغير، و غير ذلک من وجوه الطاعات و القربات.
وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللّهَ فَاستَغفَرُوا لِذُنُوبِهِم وَ مَن يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَ لَم يُصِرُّوا عَلي ما فَعَلُوا وَ هُم يَعلَمُونَ (135)
آية بلا خلاف.
قوله: «و الّذين» يحتمل أن يکون موضعه جراً بالعطف علي المتقين،