فلو کان في ليلي سدي من خصومة للويت أعناق الخصوم الملاويا[1]
و منه لويت الغريم لياً و لياناً إذا مطلته حقه قال الشاعر:
تطيلين لياني و أنت ملية و احسن يا ذات الوشاح التقاضيا
فقيل لتحريف الكلام بقلبه عن وجهه: ليّ اللسان به، لأنه قتله عن جهته. و قوله: «لفريقاً» نصب بأنه اسم (ان) و اللام لام التأكيد و يجوز دخولها علي اسم (ان) إذا کان مؤخراً، فان قدم لم يجز دخولها عليه، لا تقول:
ان لزيداً في الدار. و إنما امتنع ذلک لئلا يجتمع حرفا التأكيد، لأن (ان) للتأكيد و اللام للتأكيد أيضاً فلم يجز الجمع بينهما لئلا يتوهم اختلاف المعني، کما لم يجز دخول التعريف علي التعريف، و التأنيث علي التأنيث، فأما قولهم: جاءني القوم كلهم أجمعون، فكل تأكيد للقوم و أجمعون تأكيد لكل. و قوله: «لِتَحسَبُوهُ مِنَ الكِتابِ» معناه لتظنوه. و الفرق بين حسبت و زعمت: أن زعمت يحتمل أن يکون يقيناً أو ظناً، و حسبت لا يحتمل اليقين أصلا. و قوله: «ألسنتهم» جمع لسان علي التذكير كحمار و أحمرة. و يقال ألسن علي التأنيث كعناق و أعنق.
و قوله: «وَ ما هُوَ مِن عِندِ اللّهِ» دلالة علي أن المعاصي ليست من عند اللّه بخلاف ما تقوله المجبرة. و لا من فعله، لأنها لو كانت من فعله، لكانت من عنده، و ليس لهم أن يقولوا إنها من عنده خلقاً و فعلا، و ليست من عنده إنزالا و لا أمراً، و ذلک أنها لو كانت من عنده فعلا أو خلقاً، لكانت من عنده علي آكد الوجوه فلم يجز إطلاق النفي بأنها ليست من عند اللّه. و کما لا يجوز أن تكون من عند اللّه من وجه من الوجوه، لإطلاق النفي بأنه ليس من عند اللّه، فوجب العموم فيها بإطلاق النفي.