معرفتهما و طاعتهما للّه، و إقرارهما بالنبي (ص) وقع علي وجه يستحق به من الثواب ما يزيد علي ثواب کل من عاصرهما سوي جدهما و أبيهما. و قد فرغنا الكلام في ذلک و استقصيناه في كتاب الامامة.
إِنَّ هذا لَهُوَ القَصَصُ الحَقُّ وَ ما مِن إِلهٍ إِلاَّ اللّهُ وَ إِنَّ اللّهَ لَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (62)
آية.
إن قيل: لم قال: «إِنَّ هذا لَهُوَ القَصَصُ» مع قيام الحجة، و شهادة المعجزة له! قلنا: معناه البيان عن أن مخالفتهم له بعد وضوح أمره يجري مجري العناد فيه، و كذلك قوله: «وَ ما مِن إِلهٍ إِلَّا اللّهُ». و القصص: الخبر ألذي تتابع فيه المعاني و أصله اتباع الأثر، و فلان يقص أثر فلان أي يتبعه. و قوله: (و ما من إله إلا اللّه) دخول (من) فيه تدل علي عموم النفي لكل إله غير اللّه. و لو قال:
ما إله إلا اللّه لم يفد ذلک و إنما أفادت (من) هذا المعني، لأن أصلها لابتداء الغاية فدلت علي استغراق النفي من ابتداء الغاية إلي انتهائها. و لا يجوز جر اسم اللّه علي البدل من إله، لأن ذلک لا يحسن في الكلام، لأن (من) لا تدخل في الإيجاب و ما بعد (إلا) هنا إيجاب، و لا تدخل أيضاً علي المعرفة للعموم، و لا يحسن إلا رفعه علي الموضع، كأنه قيل ما لكم إله إلا اللّه. و ما لكم مستحق للعبادة إلا اللّه قال الشاعر:
ابني لبيني لستم بيد الأيد ليست لها عضد
أنشدوه بالجر، فعلي هذا يجوز ما جاءني من رجل إلا زيد، و ليس هو وجه الكلام، و لكنه يتبعه و إن لم يصلح إعادة العامل فيه، کما يقال: اختصم زيد و عمرو، و لا يجوز و اختصم عمرو، و قوله: «وَ إِنَّ اللّهَ لَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ» معناه