فإنما هو علي احذر المحاين لا علي إضمار (أن). و قال المبرد في (ما) وجه آخر، و هو أن يکون جحداً، و يکون تقديره: ما لنا ترك القتال. و علي الوجه الأول (ما) استفهام، و إنما جاز، مالك أن تقوم، و لم يجوز مالك أن قمت، لأن المنع إنما يکون علي الاستئناف، تقول: منعه أن يقوم، و لا يجوز أن يقوم منعه أن قام، كذا قال الفراء في الكلام حذف، و تقديره: «وَ ما لَنا أَلّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ قَد أُخرِجنا مِن دِيارِنا وَ أَبنائِنا» فسأل، فبعث، فوجب عليهم القتال «فلما كتب» «تولوا»، و إنما وجب أن يکون محذوفاً، لأن الكلام لا يدل عليه إلا من جهة الذكر له أو الحذف منه، فأما ما يدل عليه الكلام من غير جهة الذكر له، أو الحذف منه، فليس بمحذوف نحو قد عُرف زيد، فانه يدل علي أنه عرفه عارف، و ليس بمحذوف، لأنه لم يدل عليه من جهة الذكر له و لا الحذف منه.
و عسيتم- بكسر السين- لغة، و الفتح أكثر. و قوله: «إِلّا قَلِيلًا» لا يجوز فيه الرفع، لأنه استثناء بعد موجب، و كذلك قوله: «فَشَرِبُوا مِنهُ إِلّا قَلِيلًا» لا يجوز فيه الرفع.
وَ قالَ لَهُم نَبِيُّهُم إِنَّ اللّهَ قَد بَعَثَ لَكُم طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنّي يَكُونُ لَهُ المُلكُ عَلَينا وَ نَحنُ أَحَقُّ بِالمُلكِ مِنهُ وَ لَم يُؤتَ سَعَةً مِنَ المالِ قالَ إِنَّ اللّهَ اصطَفاهُ عَلَيكُم وَ زادَهُ بَسطَةً فِي العِلمِ وَ الجِسمِ وَ اللّهُ يُؤتِي مُلكَهُ مَن يَشاءُ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (247)
آية واحدة بلا خلاف.
قال السدي، و وهب بن منبه: إنما أنكروا أن يکون طالوت ملكاً، لأنه لم يكن من سبط النبوة، و لا سبط المملكة بل کان من أجمل سبط في بني إسرائيل.