اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 2 صفحة : 203
«فَهَل عَسَيتُم» فجمع، لأنه استغني في الغائب عن الجمع کما استغني عن علامة الضمير في اللفظ، و ليس كذلك المخاطب، فجري في کل غائب علي التوحيد، لامتناعه من التصريف. و تقول: عسي أن يقوموا، فإذا قلت: عسيتم أن تقوموا جمعت.
و في قوله «وَ هُوَ كُرهٌ لَكُم» حذف- في قول الزجاج و غيره- لأن تقديره و هو ذو كره لكم، و يجوز أن يکون معناه: و هو مكروه لكم، فوقع المصدر موقع اسم المفعول، و مثله قولهم: رجل رضي بمعني ذو رضي، و يجوز أن يکون بمعني مرضي.
و قوله: «وَ هُوَ شَرٌّ لَكُم» فالشر السوء، و هو ضد الخير، تقول: شرّ يشرّ شرارة. و شرار النار، و شررها لهبها، و شررت اللحم و الثوب تشريراً: إذا بسطته، ليجف، و كذلك أشررته إشراراً، و أشررت الكتاب: إذا أظهرته، و شرّة الشباب: نشاطه، و إنما قال اللّه تعالي: «وَ اللّهُ يَعلَمُ» تنبيهاً علي أنه يعلم مصالحكم، و ما فيه منافعكم، فبادروا الي ما يأمركم به و إن شق عليكم.
و الفرق بين الشهوة، و المحبة واضح، لأن الصائم في شهر رمضان يشتهي شرب الماء، و لا يکون مؤاخذاً به، و لا يحبه کما لا يريده، و لو أراده و أحبه، لكان مذموماً، و يکون مفطراً- عند كثير من الفقهاء-.
و قوله: «وَ اللّهُ يَعلَمُ وَ أَنتُم لا تَعلَمُونَ» يدل علي فساد قول المجبرة، لأنه تعالي إنما رغبهم في الجهاد، لما علم من مصالحهم، و منافعهم، فيدبرهم لذلك، لا لكفرهم و فسادهم يتعالي اللّه عن ذلک علواً كبيراً.