قرأ نافع و إبن عامر- في رواية إبن ذكوان «خير البرئية» و «شر البرئية» مهموزتان الباقون بغير همز. من همز جعله من (برأ اللّه الخلق يبرؤهم) و منه البارئ و من لم يهمز يجوز أن يکون خفف. و يجوز أن يکون من البري ألذي هو التراب، کما يقال: بغاك من سار إلي القوم البريء، و روي أبو نشيط من طريق القرطي «لمن خشي ربه» بضم الهاء من غير إشباع. الباقون بضم الهاء، و وصلها بواو في اللفظ يقول اللّه تعالي «لَم يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهلِ الكِتابِ وَ المُشرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتّي تَأتِيَهُمُ البَيِّنَةُ» قال الحسن و قتادة معناه لم يكونوا منتهين عن كفرهم حتي تأتيهم البينة. و قال قوم: معناه لم يكونوا منفكين من كفرهم أي زائلين. و قيل: معناه لم يكونوا ليتركوا منفكين من حجج اللّه حتي تأتيهم البينة الّتي تقوم بها الحجة عليهم و قال الفراء: منعاه لم يكونوا منفكين من حجج اللّه بصفتهم للنبي صلي اللّه عليه و آله أنه في كتابهم و قيل معناه لم يكونوا زائلين من الدنيا، و الانفكاك علي وجهين: علي لا يزال و لا بد لها من خبر و حرف الجحد. و يکون علي الانفصال فلا يحتاج إلي خبر و لا حرف جحد، كقولك انفك الشيء من الشيء قال ذو الرمة:
قلائص ما تنفك إلا مناخة علي الخسف أو يرمي بها بلداً قفرا[1]
فجعله الفراء من (انفك الشيء من الشيء) و جعله غيره من (ما يزال) إلا أنه ضرورة. و الانفكاك انفصال عن شدة اجتماع. و اكثر ما يستعمل ذلک في النفي کما أن (ما زال) كذلك تقول: ما انفك من هذا الأمر أي ما انفصل منه لشدة ملابسته له. و المعني أن هؤلاء الكفار من أهل الكتاب يعني اليهود و النصاري و من المشركين يعني عباد الأصنام لا يفارقون الكفر إلي أن تأتيهم البينة يعني الحجج الظاهرة الّتي يتميز بها الحق من الباطل، و هي من البينونة. و فصل الشيء من غيره