اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 10 صفحة : 385
القدر بقوله «فِيها يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكِيمٍ»[1] و قيل: سميت ليلة القدر لعظم شأنها و جلالة موقعها من قولهم: فلان له قدر و الأول أظهر، و ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان بلا خلاف، و هي ليلة الافراد بلا خلاف، و قال أصحابنا: هي احدي الليلتين إما ليلة احدي و عشرين أو ثلاث و عشرين، و جوز قوم: أن يکون سائر ليالي الافراد إحدي و عشرين و ثلاث و عشرين، و خمس و عشرين، و سبع و عشرين و تسع و عشرين، و جوزوا أيضاً تقديمها في سنة و تأخيرها في أخري، و إنما لم تعين هذه الليلة ليتوفر العباد علي العمل في سائر الليالي. و القدر كون الشيء علي مساواة غيره من غير زيادة و لا نقصان، ففي ليلة القدر تجدد الأمور علي مقاديرها جعلها اللّه في الآجال و الأرزاق و المواهب الّتي يجعلها اللّه للعباد، و يقع فيها غفران السيئات و يعظم منزلة الحسنات علي ما لا يقع في ليلة من الليالي، فينبغي للعاقل أن يرغب فيما رغبه اللّه بالمبادرة إلي ما أمر به علي ما شرط فيه. و الأوقات إنما يفضل بعضها علي بعض بما يکون من الخير الجزيل و النفع الكثير فيها دون غيرها فلما جعل اللّه تعالي الخير الكثير يقسم في ليلة القدر بما جعله اللّه فيها من هذا المعني، و لذلك قال «وَ ما أَدراكَ ما لَيلَةُ القَدرِ» تعظيماً لشأنها و تفخيماً، و انك يا محمّد لا تعلم حقيقة ذلک.
ثم بين تعالي ذلک فقال «لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ» و المعني إن الثواب علي الطاعة فيها خير يفضل علي ثواب کل طاعة تفعل في الف شهر ليس فيها ليلة القدر. و قيل إن اللّه يتفضل علي خلقه في هذه الليلة و ينعم عليهم بما لا يفعل في الف شهر ليس فيها ليلة القدر ربما لا يکون مثله في الف شهر و كانت أفضل من الف شهر