و ما يدري الفقير متي غناه و ما يدري الغني متي يعيل[1]
أي متي يفتقر. و قيل ان ذكر النعم من المنعم يحسن علي وجهين:
أحدهما- التذكير للشكر و طلب الزيادة منها فهذا جود و كرم.
و الآخر- عند كفر المنعم عليه، فهذا التذكير علي الوجه الاول.
و قوله (فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلا تَقهَر) أي لا تقهره لظلمه بأخذ ماله فكذلك من لا ناصر له لا تغلظ في أمره، و الخطاب متوجه إلي النبي صلي اللّه عليه و آله و هو نهي لجميع المكلفين و قيل: معناه لا تقهره علي ماله.
و قوله (وَ أَمَّا السّائِلَ فَلا تَنهَر) فالانتهار هو الصياح في وجه السائل الطالب للرفد، يقال: نهره و انتهره بمعني واحد، و هو متوجه إلي جميع المكلفين.
و قوله (وَ أَمّا بِنِعمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّث) معناه اذكر نعم اللّه و أظهرها و تحدث بها.
و قد قيل: من شكر النعمة الحديث بها.
فان قيل: في هذا و نظائره مما عدده اللّه علي خلقه من النعم و امتنانه عليهم كيف يمنن اللّه تعالي علي خلقه بالنعم و ذلک من فعل النجل، لان الواحد منا لو منّ علي غيره بما يسدي اليه کان مقبحاً!؟ قبل: إنما يقبح الامتنان إذا کان الغرض الإزراء بالنعم عليه و التفضيل به، فاما إذا کان الغرض تعريف النعمة و تعديدها و إعلامه وجوهها ليقابلها بالشكر فيستحق به الثواب و المدح، فانه نعمة اخري و تفضل آخر يستحق به الشكر فبطل ما قالوه.