القرآن و غيره من الادلة.
و قوله «أَمّا مَنِ استَغني» معناه أما من کان غنياً أو وجدته موسراً، فالاستغناء الاكتفاء بالأمر فيما ينفي الضرر و قد يكتفي الإناء في ملئه بما فيه، فلا يستغني استغناء في الحقيقة. و قوله «فَأَنتَ لَهُ تَصَدّي» فالتصدي هو التعرض للشيء كتعرض العطشان للماء. و أصله الصدي، و هو العطش. و رجل صديان أي عطشان و الصدي الصوت ألذي يرده الجبل أو الحمام و نحوهما، قال مجاهد: المراد ب «مَنِ استَغني» عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة. و قال سفيان: نزلت في العباس، فقال اللّه تعالي «وَ ما عَلَيكَ أَلّا يَزَّكّي» أي قل له و ما عليك ألا يتزكي، فالتزكي هو التطهر من الذنوب، و أصله الزكاء و هو النماء، فلما کان الخير ينمي للإنسان بالتطهر من الذنوب کان تزكياً.
ثم قال «وَ أَمّا مَن جاءَكَ يَسعي وَ هُوَ يَخشي» يعني عبد اللّه بن أم مكتوم جاء إلي النبي صلي اللّه عليه و آله، و هو يخشي معصية اللّه و الكفر، و الخشية هي الحذر من مواقعة المعصية خوفاً من عقاب اللّه تعالي «فَأَنتَ عَنهُ تَلَهّي» أي تعرض عنه فالتلهي عن الشيء هو التروح بالاعراض عنه و التلهي به التروح و الإقبال عليه و منه قولهم إذا استأثر اللّه بشيء فاله عنه أي اتركه و أعرض عنه.
كَلاّ إِنَّها تَذكِرَةٌ (11) فَمَن شاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيدِي سَفَرَةٍ (15)
كِرامٍ بَرَرَةٍ (16) قُتِلَ الإِنسانُ ما أَكفَرَهُ (17) مِن أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ (18) مِن نُطفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20)
ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنشَرَهُ (22) كَلاّ لَمّا يَقضِ ما أَمَرَهُ (23)