«بِالسّاهِرَةِ» أي من بطن الإرض إلي ظهرها. و قالوا أيضاً منكرين للبعث «أَ إِذا كُنّا عِظاماً نَخِرَةً» نرد و نبعث. و العظام جمع عظم، و هي مأخوذة من العظم و ذلک لعظم صلابتها و عظمها في نفسها. و النخرة البالية بما حدث فيها من التغيير و اختلال البنية، جذع نخر إذا کان بهذه الصفة، و إذا لم تختل بنيته لم يكن نخراً و إن بلي بالوهن و الضعف. و قيل: ناخرة مجوفة ينخر الرياح فيها بالمرور في جوفها و قيل: ناخرة و نخرة سواء، مثل ناخل و نخل، و نخرة أوضح في المعني، و ناخرة أشكل برءوس الآي. و قيل: نخرة بالية مجوفة بالبلي.
ثم حكي ايضاً ما قالوه، فإنهم «قالُوا تِلكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ» فالكرة المرة من المرّ و هي الواحدة من الكر، كرّ يكر كرة، و هي كالضربة الواحدة من الضرب.
و الخاسر الذاهب رأس ماله فتلك الكرة كأنه قد ذهب رأس المال منها، فكذلك الخسران. و إنما قالوا «كَرَّةٌ خاسِرَةٌ» أي لا يجيء منها شيء كالخسران ألذي لا يجيء منه فائدة. و كأنهم قالوا: هو كالخسران بذهاب رأس المال، فلا يجيء به تجارة، فكذلك لا يجيء بتلك الكرة حياة. و قيل معنا «تِلكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ» علي ما تعدنا من العذاب. و قال الحسن: معناه كاذبة ليست كائنة.
هَل أَتاكَ حَدِيثُ مُوسي (15) إِذ ناداهُ رَبُّهُ بِالوادِ المُقَدَّسِ طُويً (16) اذهَب إِلي فِرعَونَ إِنَّهُ طَغي (17) فَقُل هَل لَكَ إِلي أَن تَزَكّي (18) وَ أَهدِيَكَ إِلي رَبِّكَ فَتَخشي (19)
فَأَراهُ الآيَةَ الكُبري (20) فَكَذَّبَ وَ عَصي (21) ثُمَّ أَدبَرَ يَسعي (22) فَحَشَرَ فَنادي (23) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعلي (24)
فَأَخَذَهُ اللّهُ نَكالَ الآخِرَةِ وَ الأُولي (25)