و قوله «وَيلٌ يَومَئِذٍ لِلمُكَذِّبِينَ» قد فسرناه، فكأنه قيل لهم يجب عليكم الركوع بالخضوع للّه فاركعوا فأخبر عنهم أنهم لا يركعون تكذيباً بهذا الخبر، فلذلك قال عقيب ذلک «وَيلٌ يَومَئِذٍ لِلمُكَذِّبِينَ» و إلا فقوله «اركَعُوا» أمر من اللّه تعالي، و لا يقال فيمن أمر بالشيء فلم يفعل انه كذّب، و قيل: إنّ ما تكرر في هذه السورة من قول «وَيلٌ يَومَئِذٍ لِلمُكَذِّبِينَ» ليس علي وجه التكرار في المعني، لان معناه ويل للمكذبين بما ذكره قبله من الاخبار، و قيل يريد أنه كذب بالمخبر ألذي يليه، و هو وجه القول الثاني و الثالث و الرابع إلي آخر السورة، علي هذا المنهاج من أنه يلزمه الويل بالتكذيب بالذي يليه و ألذي قبله علي التفصيل لا علي الإجمال في أنه لا يلزمه حتي يكذب بالجميع. و قوله «فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعدَهُ يُؤمِنُونَ» معناه إنه إذا أتي القرآن بأظهر البرهان و كفروا به فليس ممن يفلح بالايمان بكلام غيره، لان من لم يؤمن بما فيه المعجزة الظاهرة و الآية الباهرة لا يؤمن بغيره.