واستيقنت بذلك
بلغاؤهم. وإن كلمة الوليد بن المغيرة في صفة القرآن تفسر لنا ذلك ، حيث قال ـ حين
سأله أبو جهل أن يقول في القرآن قولا :
« فما أقول فيه؟
فوالله ما منكم رجل أعلم في الاشعار مني ولا أعلم برجزه مني ، ولا بقصيده ، ولا
بأشعار الجن. والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا ، ووالله إن لقوله لحلاوة ،
وإنه ليحطم ما تحته ، وإنه ليعلو ولا يعلى.
قال أبو جهل :
والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه قال الوليد : فدعني حتى افكر فيه فلما فكر. قال
: هذا سحر يأثره عن غيره » [١].
وفي بعض الروايات قال الوليد :
« والله لقد سمعت
منه كلاما ما هو من كلام الانس ومن كلام الجن ، وإن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة
وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ، وما يقول هذا
بشر [٢]
...
وإذا أردت أن تحس ذلك من نفسك فانظر إلى
الكتب المنسوبة إلى الوحي ، فانك تجدها متناقضة المعاني ، مضطربة الاسلوب ، لا
تنهض ولا تتماسك. وإذا نظرت إلى كتب العهدين ، وما فيها من تضارب وتناقض تجلت لك
حقيقة الامر ، وبان لك الحق من الباطل. وهنا نذكر أمثلة مما وقع في الاناجيل من
هذا الاختلاف :
[١] تفسير الطبري ج
٢٩ ص ٩٨. ٢ ـ تفسير القرطبي ج ١٩ ص ٧٢.