لا ينبغي الريب في أنه لا بد للمخلوق من
أن يخضع ويتذلل لخالقه ، فإن ذلك مما حكم به العقل ، وندب إليه الشرع.
وأما الخضوع والتذلل للمخلوق فهو على
أقسام :
أحدها : الخضوع لمخلوق من دون إضافة ذلك
المخلوق إلى الله بإضافة خاصة وذلك : كخضوع الولد لوالده ، والخادم لسيده والمتعلم
لمعلمه ، وغير ذلك من الخضوع المتداول بين الناس ، ولا ينبغي الشك في جواز هذا
القسم ما لم يرد فيه نهى كالسجود لغير الله ، بل جواز هذا القسم مقتضى الضرورة ، وليس
فيه أدنى شائبة للشرك ، وقد قال عز من قائل :
أفترى أنه سبحانه أمر بعبادة الوالدين ،
حيث أمر بالتذلل لهما؟ مع أنه قد نهى عن عبادة من سواه قبل ذلك : « وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ
تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ١٧
: ٢٣ ».
أم ترى أن خفض الجناح من الذل ـ كما
تفعله صغار الطير ـ هو من الاحسان الذي أمرت به الاية الكريمة ، وجعلته مقابلا
للعبادة ، وإذا فلا يكون كل خضوع وتذلل لغير الله شركا بالله تعالى.
ثانيها : الخضوع للمخلوق باعتقاد أن له
إضافة خاصة إلى الله يستحق من أجلها أن يخضع له ، مع أن العقيدة باطلة ، وأن هذا
الخضوع بغير إذن من الله كما في خضوع أهل الاديان والمذاهب الفاسدة لرؤسائهم. ولا
ريب في أنه