والحق : أن الآية غير منسوخة ، فإن
النسخ فيها يتوقف على أن يكون المراد من لفظ النكاح هو التزويج ، ولا دليل يثبت
ذلك. على أن ذلك يستلزم القول بإباحة نكاح المسلم الزاني المشركة ، وبإباحة نكاح
المشرك المسلمة الرابي ، وهذا مناف لظاهر الكتاب العزيز ، ولما ثبت من سيرة
المسلمين ، وإذن فالظاهر أن المراد من النكاح في الآية هو الوطئ ، والجملة خبرية
قصد بها الاهتمام بأمر الزنا. ومعنى الآية : أن الزاني لا يزني إلا بزانية ، أو
بمن هي أخس منها وهي المشركة ، وأن الزانية لا تزني إلا بزان ، أو بمن هو أخس منه
وهو المشرك. وأما المؤمن فهو ممتنع عن ذلك ، لان الزنا محرم ، وهو لا يرتكب ما حرم
عليه.
٣١ ـ « قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ
لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ ٤٥
: ١٤ ».
فذهبت جماعة إلى أن هذه الآية الكريمة
منسوخة بآية السيف ، وقالوا :
إن هذه الآية مكية ، وقد نزلت في عمر بن
الخطاب حين شتمه رجل من المشركين بمكة قبل الهجرة ، فأراد عمر أن يبطش به : فأنزل
الله تعالى هذه الآية ثم نسخت بقوله تعالى :