responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الأمثل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 7
5 ـ شهادات حول القرآن


ييجدر بنا أن ننقل جم من أقوال المشاهير بشأن القرآن بمن فيهم أولئك الذين اتهموا بمعارضة القرآن.
1 ـ أبو العلاء المعري (المتهم بمعارضة القرآن) يقول:
«وأجمع ملحد ومهتد أن هذا الكتاب الذي جاء به محمّد كتاب بهر بالإعجاز، ولقى عدوه بالإرجاز، ما حذى على مثال، ولا أشبه غريب الأمثال، ... ما هو من القصيد الموزون، ولا الرجز، ولا شاكل خطابة العرب ولا سجع الكهنة،وجاءكالشمس، لو فهمه الهضب لتصدع، وأن الآية منه أوبعض الآية لتعرض في أفصح كلم يقدرعليه المخلوقون،فتكون فيه كالشهاب المتلألىءفي جنح غسق، والظهرة البادية في جدوب »().
2 ـ الوليد بن المغيرة المخزومي، وهو رجل عرف بين عرب الجاهلية بكياسته وحسن تدبيره، ولذلك سمي «ريحانة قريش»، سمع آيات من سورة «غافر» فرجع إلى قوم من بني مخزوم فقال لهم:
«والله لقد سمعت من محمّد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وان أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو وما يعلى عليه»(163).
3 ـ العالم المؤرخ البريطاني «كارليل» يقول حول القرآن:
«لو ألقينا نظرة على هذا الكتاب المقدس لرأينا الحقائق الكبيرة، وخصائص أسرار الوجود، مطروحة بشكل ناضج في مضامينه، ممّا يبين بوضوح عظمة القرآن. وهذه الميزة الكبرى خاصة بالقرآن، ولا توجد في أي كتاب علميّ وسياسي وإقتصادي آخر. نعم، قراءة بعض الكتب تترك تأثيراً عميقاً في ذهن الإنسان، ولكن هذا التأثير لا يمكن مقارنته بتأثير القرآن. من هنا ينبغي أن نقول: المزايا الأساسية للقرآن، ترتبط بما فيه من حقائق وعواطف طاهرة، ومسائل كبيرة، ومضامين هامة لا يعتريها شك وترديد. وينطوي هذا الكتاب على كل الفضائل اللازمة لتحقيق تكامل البشرية وسعادتها»(164).
4 ـ جان ديفن بورت مؤلف كتاب: «الاعتذار إلى محمّد والقرآن». يقول:
«القرآن بعيد للغاية عن كل نقص، بحيث لا يحتاج إلى أدنى إصلاح أو تصحيح، وقد يقرؤه شخص من أوّله إلى آخره دون أن يحسّ بأي ملل»(165).
ويقول: «لا خلاف في أن القرآن نزل بأبلغ لسان وأفصحه، وبلهجة قريش أكثر العرب أصالة وأدباً ... ومليء بأبلغ التشبيهات وأروعها»(166).
5 ـ غورة الشاعر الألماني يقول:
«قد يحسّ قرّاء القرآن للوهلة الاُولى بثقل في العبارات القرآنية، لكنه ما أن يتدرج حتى يشعر بانجذاب نحو القرآن، ثم إذا توغّل فيه ينجذب ـ دون إختيار ـ إلى جماله الساحر»(167).
وفي موضع آخر يقول: «لسنين طويلة، أبعدنا القساوسة عن فهم حقائق القرآن المقدس وعن عظمة النّبي محمّد، ولكن كلما خطونا على طريق فهم العلم تنزاح من أمام أعيننا حُجُب الجهل والتعصب المقيت، وقريباً سيلفت هذا الكتاب الفريد أنظار العالم، ويصبح محور أفكار البشرية»!
ويقول كذلك: «كنا معرضين عن القرآن، ولكن هذا الكتاب ألفت أنظارنا، وحيّرنا، حتى جعلنا نخضع لما قدمه من مبادىء وقوانين علمية كبرى»!
6 ـ «ويل ديورانت» المؤرخ المعروف يقول: «القرآن أوجد في المسلمين عزّة نفس وعدالة وتقوى لا نرى لها نظيراً في أية بقعة من بقاع العالم».
7 ـ المفكر الفرنسي «جول لابوم» في كتاب «تفصيل الآيات» يقول: «العلم انتشر في العالم على يد المسلمين، والمسلمون أخذوا العلوم من (القرآن) وهو بحر العلم، وفرّعوا منه أنهاراً جرت مياهها في العالم ...».
8 ـ المستشرق البريطاني دينورت يقول:
«يجب أن نعترف أنّ العلوم الطبيعية والفلكية والفلسفة والرياضيّات التي شاعت في أوربا، هي بشكل عام من بركات التعاليم القرآنية، ونحن فيها مدينون للمسلمين، بل إن أوربا من هذه الناحية من بلاد الإِسلام»(168).
9 ـ الدكتورة لورا واكسيا واغليري أستاذة جامعة نابولي في كتاب «تقدم الإِسلام السريع» تقول:
«كتاب الإسلام السماوي نموذج الإعجاز ...(القرآن) كتاب لا يمكن تقليده، وأسلوبه لا نظير له في الآداب، والتأثير الذي يتركه هذا الإسلوب في روح الإنسان ناشىء عن إمتيازاته وسموّه ... كيف يمكن لهذا الكتاب الإِعجازي أن يكون من صنع محمّد، وهو رجل أميّ؟! ... .
نحن نرى في هذا الكتاب كنوزاً من العلوم تفوق كفاءة أكثر النّاس ذكاء وأكبر الفلاسفة وأقوى رجال السياسة والقانون.
من هنا لا يمكن اعتبار القرآن عمل إنسان متعلّم عالم»(169).

* * *


الآية



وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـلِحَـتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّـت تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَـرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِنْ ثَمَرَة رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَـبِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَ اجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَـلِدُونَ__

التّفسير


خصائص نِعَم الجنّة:
آخر آية في بحثنا السابق تحدثت عن مصير الكافرين، وهذه الآية تتحدث عن مصير المؤمنين، كي تتضح الحقيقة أكثر بالمقارنة بين الصورتين، على الطريقة القرآنية في التوضيح.
المقطع الأوّل في الآية يبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات، بأن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار.
نعلم أن البساتين التي تفتقد الماء الدائم، وتسقى بين حين و حين ليس لها حظ كبير من النظارة، فالنظارة تطفح على البساتين التي تمتلك ماء سقي دائم مستمر لا ينقطع أبداً. ومثل هذه البساتين لا يعتريها جفاف ولا تهددها شحة ماء. وهذه هي بساتين الجنّة.
وبعد الإِشارة إلى ثمار الجنّة المتنوعة تقول الآية: (كُلَّما رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَة رِزْقاً قَالُوا هَذَا الّذي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ).
ذكر المفسرون لهذا المقطع من الآية تفاسير متعددة:
قال بعضهم: المقصود من قولهم: (هَذَ الَّذي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ) هو أن هذه النعم أغدقت علينا بسبب ما أنجزناه من عمل في الحياة الدنيا، وغرسنا بذوره من قبل.
وقال بعض آخر: عندما يؤتى بالثمار إلى أهل الجنّة ثانية يقولون: هذا الذي تناولناه من قبل، ولكنهم حين يأكلون هذه الثمار يجدون فيها طعماً جديداً ولذّة ياُخرى، فالعنب أو التفاح الذي نتناوله في هذه الحياة الدنيا مث له في كل مرّة نأكله نفس طعم المرّة السابقة، أمّا ثمار الجنّة فلها في كلّ مرّة طعم وإن تشابهت أشكالها، وهذه من إمتيازات ذلك العالم الذي يبدو أنه خال من كل تكرار!
وقال آخرون: المقصود من ذلك أنهم حين يرون ثمار الجنّة يلقونها شبيهة بثمار هذه الدنيا، فيأنسون بها ولا تكون غريبة عليهم، ولكنهم حين يتناولونها يجدون فيها طعماً جديداً لذيذاً.
ويجوز أن تكون عبارة الآية متضمنة لكل هذه المفاهيم والتفاسير، لأن ألفاظ القرآن تنطوي أحياناً على معان(170).
ثم تقول الآية: (وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً)، أي متشابهاً في الجودة والجمال. فهذه الثمار بأجمعها فاخرة بحيث لا يمكن ترجيح إحداها على الاُخرى، خلافاً لثمار هذا العالم المختلفة في درجة النضج والرائحة واللون والطعم.
وآخر نعمة تذكرها الآية هي نعمة (الأزواج المطهرة) من كل أدران الروح والقلب والجسد.
أحد منغّصات نعم الدنيا زوالها، فصاحب النعمة يقلقه زوال هذه النعمة، ومن هنا فلا تكون هذه النعم عادة باعثة على السعادة والإطمئنان. أمّا نِعم الجنّة ففيها السعادة والطمأنينة لأنها خالدة لا يعتريها الزوال والفناء. وإلى هذه الحقيقة تشير الآية في خاتمتها وتقول: (وَهُمْ فَيهَا خَالِدُونَ).

* * *


بحوث


1 ـ «الإيمان» و«العمل»:
في كثير من الآيات القرآنية يقترن ذكر الإيمان بذكر العمل الصالح، حتى كان الاثنين متلازمان دونما افتراق. والحق كذلك، لأن الإيمان والعمل يكمل بعضها الآخر.
لو نفذ الإيمان إلى أعماق النفس لتجلت آثاره في الأعمال حتماً، مثله كمثل مصباح لو أضاء في غرفة لشع نوره من كل نوافذ الغرقة. ومصباح الإيمان كذلك لو شعّ في قلب إنسان، لسطع شعاعه من عين ذلك الإنسان وأُذنه ولسانه ويده ورجله.
يقول تعالى في الآية الحادية عشرة من سورة الطلاق: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهِارُ خَالِدينَ فِيهَا أَبَداً).
ويقول في الآية الخامسة والخمسين من سورة النور:
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ).
فالإِيمان بمثابة جذر شجرة والعمل الصالح ثمرتها. ووجود الثمر السليم دليل على سلامة الجذر. ووجود الجذر السليم يؤدي إلى نموّ الثمر الطيب.
من الممكن أن يصدر عمل صالح أحياناً عن أفراد ليس لهم إيمان، ولكن ذلك لا يحدث باستمرار حتماً. فالذي يضمن بقاء العمل الصالح هو الإِيمان المتغلغل في أعماق وجود الإنسان، الإِيمان الذي يضع الإِنسان دوماً أمام مسؤولياته. 2 ـ الأزواج المطهّرة:


ممّا يلفت النظر في هذه الآية أن الوصف الوحيد الذي استعمله القرآن لمدح الأزواج في جنّات النعيم هو أنّها «مطهرة». وهي إشارة إلى أول شرط في الزوجة هو «الطهر». وكل ما سواه من الشروط والأوصاف ثانوي.
روي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمَنْ. قَيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا خَضْرَاءُ الدّمَنْ؟ قَال: الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ في مَنْبَتِ السُّوءِ»(171).
3 ـ النِعم المادية والمعنوية في الجنّة:

ذكر القرآن الكريم أنواع النعم المادية في الجنة مثل: جنات تجري من تحتها الأنهار، ومساكن طيبة، وأزواج مطهرة، وثمار متنوعة، وخلاّن متحابين. ولكنه ذكر إلى جانب هذه النعم المادية نعماً أهم منها هي النعم المعنوية التي لا نستطيع أن نفهم عظمتها بمقاييسنا، كقوله: (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّات تَجري مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدْن وَرَضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ العَظِيمُ)(172).
وفي آية اُخرى يقول سبحانه بعد ذكر النعم المادية: (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)(173).
لو بلغ الإنسان هذه المرتبة حيث يرضى الله عنه ويرضى عن الله لأَحسّ بلذّة لا ترقى إليها لذّة، ولهانت في نظر هذا الإنسان سائر اللذات، عندها يرتبط هذا الإنسان بالله ولا يفكر بما سواه، وهي مرتبة يعجز القلم واللسان عن وصف سموّها وأبعادها.
بعبارة موجزة: كما أن للمعاد جانباً روحياً جسمياً، كذلك نِعم الجنة ذات جانبين أيضاً، كي تكون جامعة وقابلة لاستفادة أهل الجنة جميعاً، كلٌّ على قَدَر كفاءته ولياقته.

* * *


الآية



إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحِى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعْلَمُونْ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذآ أَرَادَ اللهُ بِهَـذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِى بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّالْفَـاسِقِينَ__

سبب النّزول


ذكر جمع من المفسرين عن ابن عباس أن سبب نزول هذه الآية هو اعتراض المنافقين على ما ورد من أمثلة في الآيات السابقة (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوقَدَ نَاراً ... أَوْ كَصَيِّب مِنَ السَّمَاءِ ...)، وقالوا إن الله أسمى من أن يضرب مِثلَ هذه الأمثال، وبذلك راحوا يشككون في الرسالة وفي القرآن. وفي هذه الظروف نزلت الآية الكريمة المذكورة.
قال آخرون: عند نزول الآيات التي تضرب الأمثال بالذباب والعنكبوت، بدأ المشركون ينتقدون ويسخرون.

التّفسير


هل الله يضرب المثل؟!
الفقرة الاُولى من الآية تقول: ب(انَّ اللهَ لاَ يَسْتَحْيي أَنْ يَضْرِبَ مَثَ مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَها).
ذلك لأن المثال يجب أن ينسجم مع المقصود، بعبارة اُخرى، المثال وسيلة لتجسيد الحقيقة حين يقصد المتحدث بيان ضعف المدّعي وتحقيره فإنّ بلاغة الحديث تستوجب انتخاب موجود ضعيف للتمثيل به، كيما يتضح ضعف أُولئك.
ففي الآية (73) من سورة الحج  يقول سبحانه: (اِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ، وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ).
يلاحظ في هذا المثال أن الذباب وأمثاله أحسن وسيلة لتجسيد ضعف هؤلاء.
وهكذا في الآية (41) من سورة العنكبوت، حين يريد القرآن أن يجسد ضعف المشركين في انتخابهم أولياء من دون الله، يشبههم بالعنكبوت التي تتخذ لنفسها بيتاً، وهو أضعف البيوت وأوهنها: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ َ). [ العنكبوت الآية 41]
من المؤكد أن القرآن لو ساقَ الأمثلة في هذه المجالات على الكواكب والسماوات لما أدّى الغرض في التصغير والتحقير، ولما كانت أمثلته متناسبة مع أصول الفصاحة والبلاغة، فكأن الله تعالى يريد بهذه الامثلة القول: بأنه لا مانع من التمثيل بالبعوضة أو غيرها لتجسيد الحقائق العقلية في ثياب حسّيّة وتقديمها للناس.
الهدف هو إيصال الفكرة، والأمثلة يجب أن تتناسب مع موضوع الفكرة، ولذلك فهو سبحانه يضرب الأمثلة بالبعوضة فما فوقها.
وما المقصود من (فَمَا فَوْقَهَا) للمفسرين في هذه رأيان: الأوّل: «فوقها» في الصغر، لأن المقام مقام بيان صغر المثال. وهذا مستعمل يفي الحوار اليومي، نسمع مثلا رجل يقول لآخر: ألا تستحي أن تبذل كل هذا الجهد من أجل دينار واحد؟! فيجيب الآخر: لا، بل أكثر من ذلك أنا مستعد لأبذل هذا الجهد من أجل نصف دينار! فالزيادة هنا في الصغر. الثّاني: «فوقها» في الكبر. أي إن الله يضرب الأمثال بالصغير وبالكبير، حسب مقتضى الحال.
لكن الرأي الأوّل يبدو أنسب.
ثم تقول الآية: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ). فهؤلاء، بإيمانهم وتقواهم، بعيدون عن اللجاجة والعناد والحقد للحقيقة. ويستطيعون أن يروا الحق بجلاء ويدركوا أمثلة الله بوضوح.
(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذآ أَرَادَ اللهُ بِهَـذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِى بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّالْفَـاسِقِين).
هؤلاء يعترضون على هذه الأمثلة لأنّها لا تهدي الجميع، ويزعمون أنها لو كانت من عندالله لاهتدى بها النّاس جميعاً، ولما أدّت الى ضلال أحد!
فيجيبهم الله بعبارة قصيرة تحسم الموقف وتقول: (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ).
فكل هذه الأمثلة من الله، وكلها نور وهداية، لكنها تحتاج إلى عين البصيرة التي تستفيد منها، ومخالفة المخالفين تنطلق من نقص فيهم، لا من نقص في الآيات الإِلهية(174).

بحوث


1 ـ أهمية المثال في بيان الحقائق :
الأمثلة المناسبة لها دور حساس: وعظيم في التوضيح والإقناع والإِفهام.
المثال المناسب قد يقرّب طريق الفهم إلى الأذهان بحيث نستعيض به عن الاقتحام في الاستدلالات الفلسفية المعقدة.
وأهم من ذلك، نحن لا نستطيع أن نستغني عن الأمثلة المناسبة في تعميم ونشر الموضوعات العلمية الصعبة بين عامة النّاس.
ولا يمكننا أن ننكر دور المثال في إسكات الأفراد المعاندين اللجوجين المتعنّتين.
على كل حال، تشبيه «المعقول» بــ «المحسوس» أحد الطرق المؤثرة في تفهيم المسائل العقلية، على أن يكون المثال ـ كما قلنا ـ مناسباً، وإلاّ فهو مضلّ وخطر.
من هنا نجد في القرآن أمثلة كثيرة رائعة شيقة مؤثّرة، ذلك لأنه كتاب لجميع البشر على إختلاف عصورهم ومستوياتهم الفكرية، إنه كتاب في غاية الفصاحة والبلاغة(175).

* * *


2 ـ لماذا التمثيل بالبعوضة؟

المعاندون اتخذوا من صِغَر والذبابة ذريعة للإستهزاء بالأمثلة القرآنية.
لكنّهم لو أنصفوا وأمعنوا النظر في هذا الجسم الصغير، لرأوا فيه من عجائب الخلقة وعظيم الصنع والدّقة ما يحيّر العقول والألباب.
يقول الإِمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) بشأن خلقة هذا الحيوان الصغير: «اِنّما ضَرَبَ اللهُ الْمَثَلَ بِالْبِعُوضَةِ لاَِنَّ الْبَعُوضَةَ عَلى صِغَر حَجْمِهَا خَلَقَ اللهُ فِيهَا جَمِيعَ مَا خَلَقَ فِي الْفَيلِ مَعَ كِبَرِهِ وَزِيَادَةَ عُضْوَيْنِ آخَرَيْنِ فَأَرَادَ اللهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُنَبِّهَ بِذَلِكَ الْمُؤْمِنينَ عَلى لُطْفِ (لَطِيفِ) خَلْقِهِ وَعَجيبِ صَنْعَتِهِ»(176).
يريد الله سبحانه بهذا المثال أن يبين للمؤمنين دقّة الصنع في الخلق، التفكير في هذا الموجود الضعيف على الظاهر، والشبيه بالفيل في الواقع، يبيّن للإِنسان عظمة الخالق.
خرطوم هذا الحيوان الصغير يشبه خرطوم الفيل، أجوف، ذو فتحة دقيقة جداً، وله قوّة ماصة تسحب الدم.
منح الله هذا الحيوان قوة هضم وتمثيل ودفع، كما منحه أطرافاً وأُذناً وأجنحة تتناسب تماماً مع وضع معيشته. هذه الحشرة تتمتع بحساسية تشعر فيها بالخطر بسرعة فائقة وتفرّ عندما يداهمها عدوّ بمهارة عجيبة، وهي مع صغرها وضعفها يعجز عن دفعها كبار الحيوانات.
أمير المؤمنين علي(عليه السلام) يقول في هذا الصدد: «كَيْفَ وَلَوِ اجْتَمَعَ جَمِيعُ حَيَوَانِهَا مِنْ طَيْرِهَا وَبَهَائِمِهَا وَمَا كَانَ مِنْ مُرَحِهَا وَسَائِمِهَا، وَأَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا وَأَجْنَاسِهَا، وَمُتَبَلِدَةِ أُمَمِهَا وَأَكْيَاسِهَا، عَلى إِحْدَاثِ بَعُوضَة مَا قَدَرَتْ عَلى إِحْدَاثِهَا، وَلاَ عَرَفَتْ كَيْفَ السَّبِيلُ إِلى إِيجَادِهَا، وَلَتَحيَّرَتْ عُقُولُهَا فِي عِلْمِ ذَلِكَ وَتَاهَتْ، وَعَجَزَتْ قُوَاهَا وَتَنَاهَتْ، وَرَجَعَتْ خَاسِئَةً حَسِيرَة، عَارِفَةً بأَنَّهَا مَقْهُورَة، مُقِرَّةً بِالْعَجْزِ عَنْ إِنْشَائِهَا، مُذْعِنَةً بِالضَّعْفِ عَنْ إِفْنَائِهَا»(177).
3 ـ هداية الله وإضلاله:

ظاهر عبارة الآية المذكورة يوحي بأن الهداية والضلال جبريان ومرتبطان بإرادة الله تعالى. بينما العبارة الأخيرة من الآية توضح أن الهداية والضلال مترتبان على أعمال الإنسان نفسه.
ولمزيد من التوضيح نقول: إن أعمال الإِنسان وتصرفاته لها نتائج وثمار معيّنة. لو كان العمل صالحاً فنتيجته مزيد من التوفيق والهداية في السير نحو الله ومزيد من أداء الأعمال الصالحة. يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فَرْقَاناً)(178).
وإن جنح الإنسان نحو المنكرات، فان الظلمات تتراكم على قلبه، ويزداد نهماً لارتكاب المحرمات، وقد يبلغ به الأمر إلى أن ينكر خالقه، قال تعالى: (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أسَاؤُوا الْسُّوآى أَنّ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤونَ)(179). وقال أيضاً: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ)(180).
والآية التي يدور حولها بحثنا شاهد آخر على ذلك حيث يقول تعالى: (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ).
ممّا تقدم يتضح أن الإنسان حُرّ في انتخاب الطريق في بداية الأمر، وهذه حقيقة يقبلها ضمير كل إنسان، ثم على الإنسان بعد ذلك أن ينتظر النتائج الحتمية لأعماله.
بعبارة موجزة: الهداية والضلالة ـ في المفهوم القرآني ـ لايعنيان الإجبار على انتخاب الطريق الصحيح أو الخاطىء، بل إن الهداية ـ المفهومة من الآيات المتعدّدة ـ تعني توفّر سبل السعادة، والإِضلال: يعني زوال الأرضية المساعدة للهداية، دون أن يكون هناك إجبار في المسألة.
توفّر السبل (الذي نسميه التوفيق)، وزوال هذه السبل (الذي نسميه سلب التوفيق)، هما نتيجة أعمال الإنسان نفسه. فلو منح الله فرداً توفيق الهداية، أو سلب من أحد هذا التوفيق، فإنما ذلك نتيجة الأعمال المباشرة لهذا الفرد أو ذاك.
ويمكن التمثيل لهذه الحقيقة بمثال بسيط: حين يمرّ الإنسان قرب هاوية خطرة، فإنه يتعرّض لخطر الإِنزلاق والسقوط فيها كلّما اقترب منها أكثر.
كما أن إحتمال سقوطه في الهاوية يقلّ كلما ابتعد عنها أكثر، والحالة الاُولى هداية والثانية ضلال.
من مجموع ما ذكرنا يتضح الجواب على ما يثار من أسئلة في حقل الهداية والضلال.
4 ـ «الفاسقون»: هم المنحرفون عن طريق العبودية، لأن الفسق في اللغة إخراج النوى من التمر، ثم انتقل إلى الخروج عن طريق الله.

* * *


الآية



الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [ البقرة الآية 27]

التّفسير


الخاسرون الحقيقيون:
هذه الآية الكريمة توضح مواصفات الفاسقين بعد أن تحدثت الآية السابقة عن ضلال هذه الفئة، وتذكر لهم ثلاث صفات:
1 ـ إنهم (يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ).
هؤلاء لهم مع الله عهود ومواثيق، مثل عهد التوحيد، وعهد الرّبوبية، وعهد عدم اتّباع الشيطان وهوى النفس. لكنهم نقضوا كل هذه العهود، وتمرّدوا على أوامر الله، واتّبعوا أهواءهم وما أراده الشيطان لهم. طبيعة هذا العهد: يثار سؤال حول العهد المبرم بين الله والإنسان، فالعهد عقد ذو جانبين، وقد يقول قائل: متى أبرمت مع الله عهداً من العهود المَذكورة؟
الجواب على هذا السؤال يتضح لو عرفنا أن الله سبحانهأودع في أعماق النفس الإنسانية شعوراً خاصاً وقوى خاصة يستطيع بها أن يهتدي إلى الطريق الصحيح، ويتجنب مزالق الشيطان وأهواء النفس، ويستجيب لداعي الله.
هذه القوى الفطرية يعبّر عنها القرآن بالعهد الإلهي، وهو في الحقيقة «عهد تكويني» لا تشريعي أو قانوني. يقول تعالى: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يابَنِي آدَمَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)؟!(181).
وواضح أنّ الآية تشير إلى فطرة التوحيد العبودية والميل إلى الإِتجاه نحو التكامل في النفس الإنسانية.
الدليل الآخر على هذا الإِتجاه في فهم العهد الإِلهي ما جاء في أول خطب نهج البلاغة عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام): حيث قال: «فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ».
بتعبير آخر: كل موهبة يمنحها الله للإِنسان يصحبها عهد طبيعي بين الله والإِنسان، موهبة العين يصحبها عهد يفرض على الإِنسان أى يرى الحقائق، وموهبة الاُذن تنطوي على عهد مدوّن في ذات الخلقة يفرض الاستماع إلى نداء الحق ... وبهذا يكون الإنسان قد نقض العهد متى ما غفل عن استثمار القوى الفطرية المودعة في نفسه، أو استخدم الطاقات الموهبة له في مسير منحرف.
الفاسقون: ينقضون بعض هذه العهود الفطرية الإلهية، أو جميعها.
2 ـ الصفة الاُخرى لهؤلاء الفاسقين هي أنهم (... يَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ...).
أكثر المفسرين ذهبوا إلى أن القطع المذكور في الآية يعني قطع الرحم، لكن مفهوم الآية ـ في نظرة أعمق ـ أعم من ذلك، وما قطع الرحم إلاّ أحد مصاديقها، لأن الآية تتحدث عن قطع الفاسقين لِكل إرتباط أمر الله به أن يوصل، بما في ذلك رابطة الرحم، رابطة الصداقة، والروابط الاجتماعية، والرابطة بهداة البشرية إلى الله، والإِرتباط بالله. ولا دليل على حصر الآية برابطة الرحم.
بعض المفسرين ذهبوا إلى أن الآية تشير إلى قطع الإرتباط بالأنبياء والمؤمنين، وبعضهم فسّرها بالإرتباط بأئمة أهل البيت(عليهم السلام)(182). وواضح أن هذه التفاسير تبيّن جزءً من المفهوم الكلي للآية.
3 ـ علامة الفاسقين الثالثة هي الفساد: (... وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ).
ومن الواضح أن يكون هؤلاء مفسدين، لأنهم نسوا الله وعصوه، وخلت نفوسهم من كل عاطفة إنسانية حتى تجاه أرحامهم، هؤلاء لا يتحركون إلاّ على خط مصالحهم وأهدافهم الذاتية الدنيّة، ولا يهمّهم على هذا الطريق أن يعيثوا في الأرض فساداً، ويرتكبوا كل لون من الإِنحراف.
وتؤكد الآية في الخاتمة أن (أُولئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).
وأي خسران أكبر من تبديد كل القوى المادية والمعنوية المودعة في الأنسان الرّاميّة لإسعاده، وإهدارها على طريق الشقاوة والتعاسة والإنحراف؟! نعم، هؤلاء الفاسقون الذين خرجوا عن خط إطاعة الله ليس لهم مصير سوى الخسران.

* * *

بحثان


1 ـ أهمية صلة الرحم في الإِسلام:
الآية المذكورة أعلاه، وإن تحدثت عن كل إرتباط أمر الله به أن يوصل، إلاّ أن الإِرتباط الرحمي دون شك أحد مصاديقها البارزة.
لقد أعار الإسلام اهتماماً بالغاً بصلة الرحم وبالتودّد إلى الأهل والأقارب. ونهى بشدّة عن قطع الارتباط بالرحم.
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يصوّر أهمية صلة الرحم بقوله: «صِلَةُ الرَّحِمِ تَعْمُرُ الدِّيارَ وَتَزِيدُ فِي الأَعْمَارِ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُهَا غَيْرَ أَخْيَارِ»(183).
وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) قال: «صِلْ رَحِمَكَ وَلَوْ بِشَرْبَةِ مَاء، وَأَفْضَلُ مَا يُوصَلُ بِهِ الرَّحِمُ كَفُّ الأَذى عَنْهَا» (184).
الإِمام علي بن الحسين السّجاد(عليه السلام) يحذّر ولده من صحبة خمس مجموعات، إحداها قطاع الرحم، ويقول: «... وَإِيَّاكَ وَمُصَاحَبَةً الْقَاطِعِ لِرَحِمِهِ فَإِنّي وَجَدْتُهُ مَلْعُوناً في كِتَابِ اللهِ»(185).
ويقول سبحانه: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنهُمُ اللهُ)(186).
السبب في كل هذا التأكيد الإِسلامي على الرحم هو أن عملية إصلاح المجتمع وتقوية بنيته وصيانة مسيرة تكامله وعظمته في الحقول المادية والمعنوية، تفرض البدء بتقوية اللَّبنات الأساسية التي يتكون منها البناء الإِجتماعي، وعند استحكام اللَّبنات وتقويتها يتم إصلاح المجتمع تلقائيّاً.
الإِسلام مارس هذه العملية على النحو الأكمل في بناء المجتمع الإِسلامي القوي الشامخ، وأمر بإِصلاح الوحدات الإِجتماعية. والكائن الإِنساني لا يأبى عادة أن ينصاع إلى مثل هذه الأوامر اللازمة لتقوية إرتباط أفراد الأُسرة، لاشتراك هؤلاء الأفراد في الرحم والدم.
وواضح أن المجتمع يزداد قوةً وعظمةً كلّما ازداد التماسك والتعاون والتعاضد في الوحدات الإِجتماعية الصغيرة المتمثلة بالأُسرة. وإلى هذه الحقيقة قد يشير الحديث الشريف: «صلة الرحم تعمر الديار».

* * *


2 ـ القطع بدل الوصل:
ذكرت الآية الكريمة: أَنَّ الْفَاسِقينَ. (يَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) وفي هذا الصدد يثار سؤال يقول: هل القطع ممكن قبل الوصل؟
والجواب: إن المقصود بالوصل استمرار الروابط التي أقرّها الله سبحانه بينه وبين عباده، أو بين عباده مع بعضهم بشكل طبيعي وفطري.
بعبارة اُخرى، إن الله سبحانه أمر بالحفاظ على هذه الروابط الفطرية والطبيعية وبصيانتها، لكنّ المذنبين يقطعونها (تأمّل بدقة).

* * *

اسم الکتاب : تفسير الأمثل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 7
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست