و تعزّز بخلقة النّار ، و استوهن خلق الصلصال ، فأعطاه اللّه النظرة استحقاقا للسخطة ، و استتماما للبليّة ، و انجازا للعدة ، فقال : إنّك من المُنظَرينَ الى يَومِ الَوقتِ المَعلومِ .
اللغة
الخنوع الخشوع ، و استوهن عدّة ضعيفا ، و النظرة بكسر الظاء المهلة و التأخير ، و البلية الأمتحان ، و العدة الوعد .
المعنى
( و استأدى اللّه سبحانه الملائكة وديعته لديهم ) أخبر اللّه تعالى ملائكته قبل أن يخلق آدم و أمرهم بالسجود له ، كما قال سبحانه ، و اذ قال ربك للملائكة أني خالق بشراً من صلصال من حمأ مسنون ، فاذا سوّيته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين [1].
و إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين فاذا سوّيته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين [2].
فكان هذا الاخبار و الأمر وديعة وصيته و عهد منه الى الملائكة ، فلما خلق اللّه آدم و سوّاه و نفخ فيه من روحه استادى الملائكة اي طلب منهم أداء الوديعة التي اودعها لديهم ( و عهد وصيته اليهم ) و المقصود من الوديعة عهد الوصية اليهم هو السجود لآدم ( في الاذعان بالسجود له و الخنوع لتكرمته فقال اسجدوا لآدم فسجدوا ) ثم ان هنا كلاما طويلا و بحثا مفصلا و لا بأس بذكره اجمالا لكثرة اختلاف المسلمين في ذلك و لا بأس بتمهيد مقدمة فنقول : لا شك أن الشريعة الاسلامية ناسخة لجميع الشرائع المتقدمة ، و معنى النسخ هنا أن بعض القوانين و الأحكام الاسلامية يخالف بعض الأديان السالفة ، و إلا فلا معنى للنسخ ، اذ اثبت هذا فلا مانع أن يكون بعض الأفعال و الأعمال حراما في دين الاسلام مع العلم انها كانت