( ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء و شق الأرجاء و سكائك الهواء ) لما فرغ ( ع ) مما يتعلق بالتوحيد انتقل الى بيان إيجاد السموات فأشار أو لا الى تعدد طبقات الهواء لأن الأجواء و الأرجاء و السكائك كلمات متقاربة المعنى و معناها الفضاء و يعبر عنها بالطبقة الأثيرية و البنفسجية و غير ذلك و بعد أن خلق اللّه تعالى الفضاء الذي هو أمر وجودي ، ( أجرى فيها ) في تلك الطبقات و في ذلك الفضاء ( ماء متلاطما تياره ) أي شديد التموج ( متراكما زخاره ) شديد الارتفاع و الامتداد ( حمله على متن الريح العاصفة ) جعل اللّه ذلك الماء العظيم على الريح العاصفة و العصف الجري بشدة و قوة و إنما سميت بالعاصفة لأنها تعصف لشدة هبوبها كأنها تهلك الناس ، ( و الزعزع القاصفة ) صفتان من صفات الريح الشديدة القوية و الزعزع الريح التي تزعزع كل شيء ثابت في الأرض ، و القاصفة هي التي تحطم كل شيء أو الشديدة الصوت . فصارت الريح مكانا لذلك الماء الموّاج الجاري فجعل الماء يجري بطبعه على ظهر تلك الريح الشديدة ( فأمرها برده ) فأمر اللّه تعالى الريح بأن ترد الماء و تمنعه عن الجريان ( و سلطها على شده ) سلط اللّه الريح على الماء فصارت كأنها وعاء ذو جدران محيطة بجميع جهات الماء ، قادرة على حفظه و ضبطه و لعل هذا معنى كلامه ( ع ) ( و قرنها الى حده ) .
فصارت الريح حاملة للماء محمولة على القضاء بقدرة اللّه تعالى الهواء من تحتها فتيق ) أي الهواء منبسط مفتوح تحت الريح ( و الماء من فوقها دفيق ) و الماء من فوق الريح متدفق و ذا من أعجب العجب .
( ثم انشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبها ) و في نسخة اعقم مهبتها أي خلق اللّه تعالى ريحا أخرى عقيمة لا تلقح سحابا و لا شجرا ( و أدام مر بها ) جعل اللّه تلك