علي عليه السلام ، فمنهم من فضّله على أهل عصره خاصة ، و منهم فضله على جميع المسلمين عامة ، فأتى الناس عليّا ليبايعوه ، قال : دعوني و التمسوا غيري ، فانّا مستقبلون أمرا له وجوه ، و له ألوان . لا تقوم له القلوب و لا تثبت العقول .
فقالوا : ننشدك اللّه : أ لا ترى ما نحن فيه ؟ أ لا ترى الفتنة ؟ أ لا تخاف اللّه ؟ و قال الشعبي : اقبل الناس الى علي عليه السلام ليبايعوه ، و مالوا اليه فمدوا يده فكفها ، و بسطوها فقبضها ، حتى بايعوه .
فقال : لا حاجة لي في أمركم ، فمن اخترتم رضيت به ، فقالوا : ما نختار غيرك ، و ترددوا اليه مرارا ، و قالوا : و اللّه ما نحن بفاعلين حتى نبايعك ، فقال ( ع ) :
ففي المسجد ، فان بيعتي لا تكون خفية ، و لا تكون إلا في المسجد و كان ( ع ) في بيته فخرج الى المسجد و عليه قميص و عمامة خز ، و نعلاه في يده متوكئا على قوسه ، فبايعه الناس ، و كان أول من بايعه من الناس طلحة بن عبيد اللّه ،
و كان قد اصيب إصبعه يوم احد ، فشلت ، فنظر اليه حبيب بن ذؤيب و قيل غيره فقال : إنا للّه و إنا اليه راجعون . أول من بدء بالبيعة يد شلاء و بيعة لا تتم . ثم بايع الزبير و المهاجرون و الأنصار و سائر المسلمين ، و الى ذلك اشار ( ع ) بقوله :
( فما راعني إلا و الناس حولي كعرف الضبع ينثالون عليّ من كل جانب ) أي ما أفزعني شيء كما أفزعني ازدحام الناس مثل عرف الضبع ، لأن عرف الضبع ثخين يضرب به المثل في الكثرة و الازدحام ، إذ كان الناس ينثالون أي يتتابعون ،
و يقع بعضهم على بعض من شدة الازدحام ، و يتوجهون اليه من جوانبه الاربع ،
كل يريد أن يبايعه .
( حتى لقد وطىء الحسنان ) ذكر بن ابي الحديد و غيره من بعض الشارحين