اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 95
الإنسان هي في اضطراب دائم من
جري الريب الواقع من نسبة الإنسان إلى الخليقة و إلى اللّه[1]
.... فهذان السببان- أي القصور الفكري و الشهوة- هما أحدثا هذه البلية الفاجعة.
و
ما قيل من أن المستفاد من أكثر التواريخ أن تأسيس هذه النظرية الرديئة قبل ميلاد
المسيح عليه السّلام بستة قرون أو سبعة قرون، فلعلّه يقصد به انتشارها و اشتهارها،
كما أن شدّة ظهورها و كثرة رواجها إنما كانت في القرن الثامن عشر و التاسع عشر بين
الغربيين، فسرت منهم إلى الشرقيين، ثم ضعفت في القرن العشرين لكشف بطلان ما
اعتمدوا عليه في هذه الدعوى.
و
أمّا أصل هذه المسلك فله عهد بعيد كما ربما يؤيده قوله تعالى:
يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤن[2]، و
إن لم يكن بدليل عليه كما لا يخفى.
ثم
إن أساس عقائدهم يتخلّص إلى أصول أربعة. كما قيل:
1-
لا موجود في العالم غير المادة و آثارها.
2-
العالم مركّب من العلل و المعاليل المادية، و كلّ شيء يعلّل بعلل مادية.
3-
الموجودات بأسرها تؤثّر بعضها في بعضها، فكلّ منها علّة شيء و معلول لشيء آخر، و
جميع الحواثد في تغير و تحوّل، بيد أن القدر الجامع بينها- يعني المادة- أمر أزلي.
4-
إن الكائنات- بشموسها و كواكبها و أقمارها و أراضيها و سمواتها و جميع جزئياتها-
معلولة التصادف و الاتّفاق، لا بمعنى أن لا علّة لها، بل بمعنى اتّحاد العلّة
الفاعلية و العلة المادية فيها، فلا موجد لها إلّا المادة، و لا صانع مختار لها
أبدا، فليس لها العلّة الغائية أيضا.
و
الحاصل: أنهم لا ينكرون مبدأ الكائنات بل ينكرون شعوره و قدرته و إرادته.
تفتيش
و تفنيد
أمّا
الأصل الأول ففيه بحثان، الاول: في بيان المادة، و الثاني: في بيان انحصار
الموجودات بها.
اما
البحث الاول، فالمعروف عن ديمقراط[3] أن المادة
هي الجواهر الفردة، و هي الأجزاء التي لا تتجزّأ (الاتم) و ليس لها إلا أشكال
هندسية، فالعالم عنده مركب من هذه الذرّات التي لها بنظر بعضها إلى بعض حركة دائرة
و حركة اصطدام مستقيمة[4]، و يرى
أنّ هذه الذرّات يتخلّل
[1] الرحلة المدرسية للعلّامة المجاهد الشيخ جواد
البلاغي/ 292.