responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 94

من هم المخالفون في هذا المقصد؟ و ما هو اعتقادهم؟

نسب إلى جماعة من القدماء كذيمقراطيس و أتباعه إنكار حاجة الممكن إلى المؤثّر، و جعلوا كان العالم بالبخث و الاتفاق، و أنكروا أن يكون له صانع أصلا، و رأوا أن مبادئ الكل أجرام صغر لا تتجزّى لصغرها و صلابتها، و أنّها غير متناهية بالعدد، و مبثوثة في خلاء غير متناه، و أن جوهره في طبايعها جوهر متشاكل، و بأشكالها تختلف، و أنّها دائمة الحركة في الخلاء، فيتفق أن يتصادم منها جملة فتجتمع على هيئة و يكون منها عالم، و أنّ في الوجود عوالم مثل هذا العالم غير متناهية بالعدد، لكن مع ذلك يرون أن الأمور الجزئية- مثل الحيوانات و النباتات- كائنة لا بحسب الاتّفاق بل بحسب أسباب سماوية و أرضية، و فرقة أخرى منهم- كانباذقلس و من يجري مجراه- لم يقدموا على أن يجعلوا العالم بكلّيته كائنا بالاتفاق، و لكنهم جعلوا الكائنات متكوّنة عن الاسطقسات بالاتّفاق، و بالجملة فهؤلاء بأجمعهم يجوّزون الحدوث بلا سبب و الكون بلا علة.[1]

أقول: هل ذيمقراطيس (460 ق م) و انباذقلس كانا منكرين للواجب لذاته ام لا؟ سؤال لا طريق لنا إلى جوابه جزما. و قد ذكر بانگون‌[2] أن الأول ليس بمادي بل كان يعتقد وجود الروح، و ذكر صاحب الأسفار أن كلام الثاني ناظر إلى أصالة الوجود و اعتبارية الماهيات، و ذكر غيره أن مراده هو إنكار العلة الغائية[3]، لكن هذه الضلالة الخبيثة و الجهالة المبطلة حد الانسانية حدثت منذ زمن غير قريب، فإن آحاد الإنسان في أفكارهم ليسوا على مستوى واحد، فمنهم من هو قاصر، و منهم من هو متوسط، و منهم من هو عال، و لكلّ منها درجات.

هذا من ناحية، و من ناحية أخرى أن الحدود المقرّرة في الشرائع السماوية كثيرا ما تضاد الشهوات النفسانية و الميولات الغريزية، و المخلص من هذا التضاد هو البناء على إنكار المبدأ الشاعر القادر لا غير. قال أبيقورس أحد زعماء الماديين: إنّ راحة البال التي تقوم بها سعادة


[1] نقله في الشوارق 1/ 126 من كتاب الشفاء لابن سينا.

[2] على اطلال المذهب المادي/ 15.

[3] الأسفار 1/ 210.

اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست