اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 81
الإحداث، فإذن يمكن أن يقال بأن
الإرادة المتعلّقة بالبقاء غير المتعلّقة بالحدوث؛ لان الإحداث فعل لا دوام له. و
أيضا التأثير- بناء على اختيار الشق الثاني من السؤال المتقدم- لا يعقل الا بتجدد
الإرادات، و أما بناء على الوجه الأول ففيه الوجهان.
مسألة
قالوا:
إن الممكن القديم- أعني به المسبوق بالغير فقط لا بالعدم- لا يحتاج إلى المؤثّر،
بناء على مدخلية الحدوث في الحاجة؛ ضرورة فقدان مناط الحاجة حينئذ في القديم.
أقول:
و فيه تفصيل. و أما بناء على سببية الإمكان للفقر دون اشتراك الحدوث، فلا شكّ في
أنه محتاج إلى المؤثر في بقائه بداهة ترتّب المعلول على علّته، و إنّما الكلام في
أنّه هل يستند إلى المختار أو الموجب؟ و الظاهر من ارباب الكلام هو الثاني، فان
فعل المختار مسبوق بالقصد، و القصد إلى الايجاد متقدم عليه، مقارن لعدم ما قصد إيجاده؛
لأنّ القصد إلى إيجاد الموجود ممتنع بديهة.
و
عن شارح المقاصد[1] أن هذا
متّفق عليه بين الفلاسفة و المتكلّمين و النزاع فيه مكابرة، و قال اللاهجي في
شوارقه: التحقيق أن استناد القديم الممكن إلى المختار بالاختيار الزائد على الذات
محال بدليل مرّ نقله، سواء كان الاختيار الزائد تامّا كاختيار الواجب عند
المتكلّمين او ناقصا كاختيارنا، و ذلك ضروري ... و الحكماء ينفون القصد عن الواجب؛
لأنّهم يجعلون القصد بالاختيار الزائد على الذات و يقولون: إنّ القصد لا يمكن إلّا
.. و لا ينفون الاختيار مطلقا؛ لأنّهم مصرحون بكونه تعالى فاعلا بالاختيار الذي هو
عين ذاته تعالى، و يعبّرون عنه بالرضاء[2]
...
الخ.
و
التحقيق: أن القصد- بمعنى الصفة النفسانية- لا يتعلّق بالموجود بالضرورة، فلا مكن
استناد القديم إلى المختار بهذا المعنى، لكن القصد بهذا المفهوم ممتنع على الواجب
كما يأتي في محلّه. و المراد من القصد المستعمل في حقّه هو تعلل أفعاله بالأغرض
الزائدة على ذاته.
و
عليه فعدم استناد القديم إليه ليس بضروري بل سيأتي إن شاء اللّه- في مبحث قدرته و
اختياره- جواز استناد الممكن القديم إلى الواجب الوجود، فهذا الذي نقل اتّفاق
المتكلّمين و الفلاسفة عليه، ليس بشيء.