اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 25
و أمّا بالنسبة إلى الآخرين
فيجوز الخلاف فيه»[1] فهو سقيم؛ إذ كل مسألة علمت
صحّتها لا يقع فيها الاختلاف من العالمين بها ولو كانت نظرية غامضة، فلا أثر
للميزان المذكور.
الثالث: ما
في المواقف و شرحها[2] من أن الضروري
هو ما لا يكون تحصيله مقدورا للمخلوق فلم يكن الانفكاك عنه أيضا مقدورا، و ذلك
كالمحسوسات بالحواس الظاهرة، فإنّها لا تعرض بمجرد الإحساس المقدور لنا، و ألا لما
عرض الغلط، بل تتوقّف على أمور غير مقدورة، لا نعلم ما هي؟ و متى حصلت؟ و كيف
حصلت؟
و
الكسبي ما يقابل الضروري، فهو العلم المقدور تحصيله.
و
البديهي ما يثبته العقل بمجرّد التفاته إليه من غير استعانة بحسّ أو غيره، فهو
أخصّ من الضروري. و امّا النظري فهو ما يتضمّنه النظر الصحيح.
أقول:
هذا مع أنه تعريف بالأخفى، غير صحيح أيضا، فإن الضروري مقدور بغض البصر و إرادة
النوم و ترك التجربة و الاستماع و نحوها، و ما ذكره من التعليل عليل، على أن
مغايرة النظري مع الكسبي ممّا لم يثبت في اصطلاحهم مع أن تعريف النظري دوري كما لا
يخفى.
و
الصحيح أن يقال: الضروري ما لا يحتاج في حصوله إلى الفكر و التروّي، بخلاف النظري.
البحث
الثالث: في الحجج النقلية:
العقل
يدرك الشيء بوجهه و تفصيله تارة و بإجماله و عنوانه أخرى كما في الأدلة الإنّية،
فإنّه يدرك العلّة من جهة معلولها إدراكا إجماليا فيذعن بها. فإذن لا فرق في
الأحكام العقلية بين التفصيلية و الإجمالة أصلا من حيث تصديقه بها و اعتماده عليها.
و
تدخل في القسم الثاني أقوال اللّه تبارك و تعالى و عباده المعصومين من الجهل و
السهو و الغلط و الكذب التي هي المناشي لمخالفة الحكاية من الواقع، فإذا انتفت هذه
الأمور فالخبر صادق لا محالة، بل يضطر العقل إلى الحكم بصحّته و صدقه، و أنّه حق
واقع و إن لم يحط بكنهه و لمّه. فالقضية القائلة: قول المعصوم صادق و مطابق
للواقع، من الأوليات على حدّ قولنا:
الممكن
مفتقر.
و
أما لزوم امتثال أمر الواجب القديم، و الانبعاث على وفقه، و الانزجار عمّا نهى
عنه، فهو إمّا عقلي من باب لزوم شكر المنعم فيدخل في المشهورات، أو فطري من باب
دفع الضرر المتمل و هو استحقاق العقاب فيندرج في القسم السابع من البرهانيات كما
مر، و منه ينبثق