اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 233
لاختياره، و الثاني يدلّ على أن
أفعاله محكمة متقنة، فلا خلل و لا فساد و لا قبح و لا نقص في أفعاله تعالى.
تفريع
و تكميل: في أدلّة النظام العقلي الحاضر
بعد
ما تقرّر أن أفعاله تعالى على أفضل ما ينبغي أن تكون، و أكمل ما يمكن أن تصدر عنه،
بحيث لا يتصوّر مرتبة ارقى ممّا هي عليه، فقد ظهر أنّه لا يمكن وجود نظام أحسن و
أكمل من النظام الفعلي الحاضر، فإنّه على آخر درجة من درجات الكمال، و كأنّه ظاهر
لا يحتاج إلى بيان أزيد ممّا تقدّم.
و
لهذا المطلب أدلة أخرى ذكرها الفلاسفه و غيرهم إلّا أنّها بين ما يرجع إلى المختار
و بين ما لا يتمّ على أصولنا المبرهن عليها، و نحن نذكر وجهين منها:
الأول: ما
عن الغزالي من أنّه لا يمكن أن يوجد العالم أحسن ممّا هو عليه؛ لأنّه لو أمكن ذلك
و لم يعلم الصانع المختار أنّه ممكن إيجاد ما هو أحسن، فيتناهى علمه المحيط
بالكلّيات و الجزئيات، و إن علم و لم يفعل مع القدرة عليه فهو يناقض جوده الشامل
لجميع الموجودات.
و
استحسنه العربي في محكي فتوحاته، ثم الحكيم الشيرازي في أسفاره، فقال في ربوبياتها[1]:
و هو كلام برهاني، فإنّ الباري- جلّ شأنه- غير متناهي القوة، تام الجود و الفيض،
فكلّ ما لا يكون له مادّة و لا يحتاج إلى استعداد خاصّ و لا أيضا له مضادّ ممانع،
فهو بمجرّد إمكانه الذاتي فائض عنه تعالى على وجه الابداع. و مجموع النظام له
ماهية واحدة كلّية و صورة نوعية وحدانية بلا مادّة، و كل ما لا مادّة له نوعه
منحصر في شخصه ... فلم يمكن افضل من هذا النظام نوعا و لا شخصا. انتهى.
أقول:
حديث الجود ليس بخطابي فإنّه واجب عليه بحسب حكمته كما مر، نعم ليس بواجب عنه على
ما سلف في بحث اختياره، فقول الغزالي راجع إلى المختار.
و
أمّا ما أتى به صاحب الأسفار فهو ضعيف، فإنّ فرض العالم بمجموعه موجودا واحدا غير
مادي مجرّد خيال ينفع الشعراء و لا وزن له في المباحث العقلية، و ربما سنفصل القول
فيه في بعض مسائل التوحيد إن شاء اللّه.
الثاني: ما
ذكره اللاهجي[2] ناقلا عن
الحكماء، و محصّله: أنّ الواجب الوجود خير محض، فإنّ الخير ليس إلّا فعلية الوجود
و كمالاته و تماميتهما، و الشر فقدان الوجود أو كمالاته، و واجب الوجود عين الوجود
و تامّ الوجود و كامل في وجوده و كمالاته، فهو خير محض و لا
[1] الحكمة المتعالية ج 7 ص 91، الفصل« 7» في أن وقوع
ما بعده الجمهور شرورا فى هذا العالم قد تعلقت به الارادة الأزلية صلاحا لحال
الكائنات.