اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 225
و هذا الذي ذكرنا يستفاد من
مجموع الروايات الواردة في باب نفي الجبر و التفويض و باب القضاء و القدر، و يؤيّد
ذلك ما في شرح المواقف[1]: و المعتزلة ينكرون القضاء و
القدر في الأفعال الاختيارية الصادرة عن العباد، و يثبتون علمه تعالى بهذه الأفعال
و لا يسندون وجودها إلى ذلك العلم، بل إلى اختيار العباد و قدرتهم انتهى.
و
سيأتي في مبحث عموم إرادته، و هو مبحث الجبر و التفويض و الأمر بين الأمرين، أن
جميع الأشياء واقع وفق تقدير اللّه سبحانه حتى أفعال العباد خلافا للمعتزلة، و مع
ذلك العبد مختار في فعله خلافا للاشعرية، فالقدر و القضاء لا ينافيان الاختيار كما
زعموه، و هذا هو الأمر بين الأمرين الذي ثبت من آل محمد- صلّى اللّه عليه و عليهم-
و قالت به الإمامية.
و
الحاصل: أن الجبري يسند جميع القبائح و الآثام إلى قدر اللّه فهو قدري، و التفويضي
يسند أفعاله إلى نفسه و ينكر قدره فيها، فهو قدري فتشملهم الروايات، فتأمّل.
المسألة
السادسة: في القضاء
قال
الصدوق رحمه اللّه[2]: و سمعت
بعض أهل العلم يقول: القضاء على عشرة أوجه: الاول العلم ... و الثاني: الاعلام ...
و الثالث: الحكم ... و الرابع: القول ... الخامس: الحتم. و السادس الأمر ...
السابع: الخلق ... الثامن: الفعل ... التاسع: الاتمام ... العاشر: الفراغ ...
الحادي عشر: القتل كما في مجمع البحرين.
أقول:
الظاهر أن هذه المذكورات ليست بمعان موضوع لها اللفظ بالاشتراك اللفظي، بل بعضها
داخل في البعض، فذكرها من باب اشتباه المفهوم بالمصداق و بعضها غير ثابت في نفسه،
و للفقهاء فيه إصطلاح آخر و هو إتيان العمل المؤقت خارج وقته، و لا يبعد أن يكون
معناه الحكم الفصل تكوينيا كان أو اعتباريا، و بهذا المفهوم الفارد يستعمل في
المعاني المذكورة، و قد عرفت أن معنى القضاء الذي هو من أسباب الفعل هو كتابة
الحكم البتي- ولو من غير جهة الدعاء و الصدقة و نحوهما- في اللوح.
و
يدلّ على عمومه ما مرّ و رواية حمزة بن محمد الطيار عن أبي عبد اللّه عليه
السّلام[3] قال:
«ما
من قبض و لا بسط إلّا و للّه فيه مشئية و قضا، ن ابتلاء»
، و
روايته الأخر عنه عليه السّلام قال:
«إنه
ليس شيء فيه قبض أو بسط ممّا أمر اللّه به أو نهى عنه إلّا و فيه للّه عزّ و جلّ
ابتلاء و قضاء»