اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 217
أقول: قوله تعالى: يمحوا الله ما يشاء و يثبت و عنده أم الكتاب[1] يدلّ على اللوحين المذكورين، فإنّ اللوح المحفوظ قد كتب فيه كلّ
شيء فلا يغيب عنه ذكر شيء كما مر، فهذا المحو و الإثبات لا بدّ ان يكونا في لوح
آخر، ففي صحيحة حفص ابن البختري و هشام بن سالم و غيرهما عن ابي عبد اللّه عليه
السّلام قال في هذه الآية يمحوا الله ما
يشاء و يثبت قال: «فقال:
و
هل يمحي إلّا ما كان ثابتا، و هل يثبت إلّا ما لم يكن؟»[2]،
فهذه الصحيحة دالة على تغيار اللوحين، فإن المحو بعد الإثبات و الإثبات بعد المحو
لا يكونان في اللوح المحفوظ لما عرفت من ضبط كلّ شيء فيه بوجهه الكامل من الأول،
فلا موضوع للتغير و التبدّل، فتحصّل أن الإثبات و المحو في لوح، و أم الكتاب لوح
آخر، و هو اللوح المحفوظ. و مثل هذه الصحيحة رواية الأرمني عن العسكري عليه
السّلام[3]، و مرسلة
العياشي عن جميل عن الصادق عليه السّلام[4].
و
ممّا يدل على وجود اللوحين مرسلة عمار بن موسى كما رواه العياشي عن الصادق عليه
السّلام، سأل عن قول اللّه: يمحوا الله ما يشاء ...
الخ قال: «إن ذلك الكتاب كتاب يمحو اللّه ما يشاء و يثبت، فمن ذلك الذي يرد
الدّعاء القضاء، و ذلك الدعاء مكتوب عليه: الذي يرد به القضاء، حتى إذا صار إلى أم
الكتاب لم يغن الدعاء فيه شيئا»[5]، فهذا ما
أحرزنا دلالته على وجود اللوحين فما ذكره المجلسي قدّس سرّه من دلالة الآيات و
الاخبار عليه: منظور فيه. فانا لم نجد من الكتاب و السنة غير ما ذكرنا.
تنبيه
اللوح
عند الفلاسفة هو العقل المفارق كما تقدّم في كلام المحقّق الطوسي قدّس سرّه. و
عرّفه في الأسفار و غيره بالنفس الكلّية الفلكية. قال بعض أفاضلهم[6]:
ان كنّا بحثنا عن اللوح من جهة العقل، فالبرهان يثبت في الوجود أمرا نسبته إلى
الحوادث الكونية نسبة الكتاب إلى ما فيه من المكتوب، و من البديهي أن لوحا جسمانيا
لا يسع كتابة ما يستقبل نفسه و اجزائه من الحالات و القصص في أزمنة غير متناهية و
إن كبر ما كبر، فضلا عن شرح حال كلّ شيء في الأبد الغير المتناهي؛ و إن كنّا
بحثنا من جهة النقل فالأخبار نفسها تؤول اللوح و القلم إلى إلى ملكين من