اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 209
همّه بالشيء، أو تدري ما
أراد؟ قال: لا، قال: إتمامه على المشيئة»[1].
أقول:
لعلّ المراد بالهمّ هو ابتداء الفعل كما يفهم من قوله: اتمامه، و من تصريح الرواية
المتقدّمة بذلك، و إلّا فالهمّ عليه محال، و قد صرح به في الروايات المتقدّمة
أيضا.
و
أمّا الفرق بين المشيئة و الإرادة فسيأتي بحثه إن شاء اللّه.
هذا
ما وقفنا عليه من الروايات الدالّة على حدوث الإرادة، و لم أجد رواية- ولو ضعيفة
السند و الدلالة- على أنّها قديمة أو عين ذاته تعالى أو هي راجعة إلى العلم، مع أن
الصفات الذاتية مصرّح بها في روايات كثيرة عن أهل العصمة و النبوّة سلام اللّه
عليهم أجمعين.
و
أمّا ما ذكره بعض الأماجد[2] من آل
كاشف الغطاء- من أن الإرادة في لسان أهل البيت تطلق على معنيين: الخلق الإيجاد. ثم
العلم حسبما استقصينا من أحاديثهم. و استشهد للثاني برواية نقلها عن الكافي. فهو
ممنوع و الموجود في الكافي مغاير لما نقله في كتابه على ان استعمال الإرادة في
العلم أحيانا لا يسمن و لا يغني من شيء أصلا كما لا يخفى، و لا سيما بعد ما صرّح
في الرواية الخامسة بتغايرهما.
إزاحة
و إنارة
قد
تحصّل أن الروايات صريحة كما هي الأكثر أو ظاهرة غاية الظهور في حدوث الإرادة، و
جملة منها صحيحة الاسناد، فلا يعتريها شكّ و ارتياب، غير أن جماعة من الباحثين
كالمحقّق الداماد على ما في الأسفار، و المحدث المجلسي في البحار و مرآة العقول، و
صاحب الاسفار في شرحه على الكافي، و الفيض الكاشاني في الوافي، و الفياض اللاهجي
في الشوارق و گوهر مراد، و الشيخ المحقّق محمد حسين في نهاية الدراية و تحفة
الحكيم، و غيرهم في غيرها اغمضوا أعينهم عن صراحة هذه الروايات فوجّهوها بتوجيهات
باردة و حملوها على محامل بعيدة فاسدة، بل بعضها مخالف لصراحة بعض الروايات
المذكورة.
و
اني لا أرى فائدة في إيرادها و إبطالها، فالمنصف إذا راجعها و لاحظها بالقياس إلى
الروايات يجدها موهومة موهونة، و العجب أن الائمة عليهم السّلام بيّنوا صفات الذات
و عينيتها معها، و لكن لما وصل بيانهم إلى الإرادة لم يبيّنوها لعدم استعداد
الأذهان كما يقول بعض هؤلاء، أو أنهم عليهم السّلام بيّنوا الإرادة الفعلية و
أهملوا ذكر الإرادة الذاتية، مع أنّه لا أثر إلّا في أوهام هذا القوم.
و
إن تعجب فعجب من المجلسي قدّس سرّه فإنه مع جموده الجميل على ظواهر الروايات كيف
ترك