responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 180

يطلبه العبد من ربّه إن كان قد جرى قلم التقدير بانفاذه فهو كائن لا محالة، و لا حاجة إلى الدعاء و التوسّل، و إن كان قد جرى القلم بخلافه لم يقع أبدا و لم ينفعه الدعاء، يترك التضرّع إلى خلقه.

و هذا هو سرّ ما ورد في روايات كثيرة[1] عن أهل البيت عليهم السّلام من الاهتمام بشأن البداء، كقول الصادق عليه السّلام في رواية هشام بن سالم:

«ما عظم اللّه عزّ و جلّ بمثل البداء»

، و قوله عليه السّلام في رواية محمد بن مسلم:

«ما بعث اللّه عزّ و جلّ نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال: الإقرار بالعبودية، و خلع الانداد، و أن اللّه يقدّم ما يشاء و يؤخّر ما يشاء».

و السرّ في هذا الاهتمام: أن إنكار البداء يشترك بالنتيجة مع القول بأنّ اللّه غير قادر على أن يغيّر ما جرى عليه قلم التقدير، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا، فإنّ كلا القولين يؤيّس العبد من إجابة دعائه، و ذلك يوجب عدم توجّهه في طلباته إلى ربّه مع أن القرآن يحثّ العبد بالتوجّه إلى ربّه.

أقول: و لنعم ما قال الصادق عليه السّلام في رواية مالك الجهني‌[2]:

«لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه»

. و آخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين الذي كلّ يوم هو في شأن.

الجهة السابعة: في أن معلوماته أكثر من مقدوراته‌

قد ثبت ممّا تقدّم أن معلوماته تعالى أكثر من مقدوراته، فإن علمه تعالى يشمل الممكنات و الضروريات و الممتنعات و جميع المفاهيم الاعتبارية و الانتزاعية، و أمّا قدرته فهي تختصّ بالممكنات، فحينئذ يمكن أن يتوهّم أحد أن هذا ينافي ما عليه الإمامية و الحكمء من عينية صفاته مع ذاته تعالى، و عينية كلّ صفة مع صفة أخرى خارجا؛ إذ لو كان القدرة و العلم أمرا واحدا لما تفارقا في كثير من الموارد.

و جوابه: أن الاختلاف لا يرجع إلى الصفة بل إلى المتعلّق، فإن الأشياء بين ما يقبل المقدورية و بين ما لا يقبلها حينما يقبل جميعها المعلومية، فإذن لا منافاة بين أكثرية المعلومات و عينية قدرته مع علمه جلّ جلاله، كما لا منافاة بين العينية المذكورة و ثبوت الإضافة للعلم و القدرة دون الحياة، فإن اتّصافه بالحياة و الموجودية لا يتوقّف على شي‌ء و لا تعلّق لهما بشي‌ء، و ذلك يرجع إلى اختلاف المفاهيم، فإنّ مفهوم الحياة و الوجود مغاير لمفهوم العلم و القدرة حتى في الواجب الوجود، و إنّما الوحدة في جانب المصداق و الخارج.


[1] ذكرها المجلسي في الجزء الرابع من البحار.

[2] أصول الكافي 1/ 148.

اسم الکتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست