responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حدود الشريعة المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 769

أقول: للحرج مراتب متفاوتة في الشدّة و الضعف، و الأحكام الإلزاميّة أيضا متفاوتة بلحاظ الأهمّيّة و الترك، فإذا راعينا هذه الجهة حسب الذوق الديني و الارتكاز المتشرّعي انتفى الفرق بين الواجبات و المحرّمات، و اطّردت القاعدة، فلاحظ.

الفائدة الرابعة: في أصالة البراءة

إذا شكّ في وجوب شي‌ء أو حرمته بعد الفحص و اليأس عن الدليل، فلا بأس بمخالفة الحكم الإلزامي المحتمل، سواء كانت الشبهة البدويّة حكميّة أم موضوعيّة، فإذا ارتكب ما احتمل حرمته، أو ترك ما احتمل وجوبه، فهو مأمون من العذاب و إن صادف احتماله الواقع؛ فإنّ العقل يقبّح عقاب الجاهل من دون بيان. و هذا هو القول المقبول المنقول عن المجتهدين. و ما ذكره السيّد الشهيد الصدر رضى اللّه عنه من تقدّم حقّ الطاعة للمولى القديم جلّ جلاله على هذه القاعدة، ضعيف لا نعول عليه.

و ذهب الأخباريّون منّا على ما هو المعروف- إلى وجوب الاحتياط و التوقّف في الشبهة الحكميّة التحريميّة، بل و بعضهم في الشبهة الحكميّة الوجوبيّة أيضا، و ذلك لا لأجل منع قبح العقاب من دون بيان؛ فإنّه ممّا لا يقبل الشكّ و المنع، بل لأجل روايات كثيرة دالّة على ذلك و هي واردة على حكم العقل؛ فإنّها بيان، و لكنّها على كثرتها و ضعف أسناد معظمها ليس بينها ما يفى بمرادهم، فراجع،[1] و تأمّل، و اللّه العالم.

و استدلّ المجتهدون لمذهبهم بآيات من الكتاب الكريم، لكنّ دلالتها على مرادهم غير واضحة على الإطلاق‌[2] و بأخبار إليك بجملة منها:


[1] . راجع: بحار الأنوار، ج 2، ص 258- 261؛ وسائل الشيعة، ج 18، ص 111- 129؛ جامع أحاديث الشيعة، ج 1، ص 89- 92 و راجع ما ذكره المحقّقون من الأصوليّين حول مداليل تلكم الروايات في مبحث أصالة البراءة من كتب أصول الفقه.

[2] . نعم، في خصوص المأكولات يستفاد مراد الأصوليّين من قوله تعالى: وَ ما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ أي مع خلوّ ما فصّل عن ذكر هذا الذي يجتنبونه. و ما أورده شيخنا الأنصاري قدّس سرّه على دلالته غير متين، فلاحظ.

و لا يبعد أن يقال بدلالة الآية على حلّيّة كلّ ما لم يثبت حرمته بدعوى عدم اختصاص العتاب على ترك خصوص بعض المأكولات، فهي تنافي وجوب الاحتياط الطريقي الذي يقول به الأخباريون، فتدبّر جيّدا.-- ثمّ مع الغضّ عن هذه الآية و فرض تماميّة دلالة الروايات المستدلّ بها على وجوب الاحتياط على ما يرومه الأخباريّون نخرج الشبهات البدويّة باستصحاب عدم الحكم الإلزامي فيها، فتختصّ الروايات المزبورة بالشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي.

اسم الکتاب : حدود الشريعة المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 769
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست