responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفقه و مسائل طبية - ط بوستان کتاب المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 36

التخلّق بأخلاق اللّه تعالى‌[1].

أقول: لم يكن للقدماء من الفلاسفة و غيرهم علم تجريبي دقيق بخصوصيات الحيوانات، و إنّما يعرفون منها أمورا كلّية عامة لا غير، فلا اعتماد على آرائهم في جميع الموضوعات التي لا تعرف بمجرّد العقل؛ و لذا أخطأ و اخطأ كثيرا في الأجسام العلوية و الأفلاك و النجوم، و أصبح اليوم معرفة الشباب المتعلّمين بالسماويات أكثر من معرفة الفارابي و ابن سينا و السهروردي و صدر الدين الشيرازي و سائر مشاهير الفلسفة، و لعلّه لا لوم على أحد إذا ادّعى أنّه لا معرفة صحيحة لهؤلاء الحدسيين من الفلاسفة بالسماء و كواكبها و نجومها و ما يتعلّق بها أصلا!!!

و علّة الاشتباه أنهم غلطوا في تمييزهم بين حدود الفلسفة و العلوم، فحاولوا إثبات ما يحتاج إثباته إلى الحسّ و التجربة بالعقل المجرّد، و ظنّوا أنّ لهم الصلاحية في جميع أقسام العلوم، كما أنّ المادّيّين اليوم مشوا على عكس ذلك، فإذا لم يجدوا شيئا في حقلهم العلمي نفوه مطلقا؛ تخيّلا منهم أنّه لا حقائق خارج الحسّ.

و الحق أنّ للحس مدارا خاصا و للعقل مركزا خاصا، و لا بدّ من مراعاة ذلك حتى لا يضلّ الباحث و لا تطمس معالم الحقّ، و تفصيل البحث في محلّه.

و على كلّ مجموع هذه الخواصّ يكفي لتمييز الإنسان عن الحيوان، و لكن لا نستطيع أن ندّعي أنّ شيئا من تلك الخواصّ لا يوجد في الحيوانات، بل البحوث الحديثة تثبت خلاف ذلك، و ربما تثبت التجربة العلمية في المستقبل حقائق أهمّ و أكثر و أعجب للحيوانات ممّا اكتشفته لحدّ الآن.

و الذي أراه مميزا جوهريا بين الإنسان و الحيوان- بعد اشتراكهما في الإحساس و الحركة الإرادية و جملة من الأمور الأخر- هو تعلّق الروح بالإنسان المستتبع لقدرته على الإدراكات الكلية الكثيرة التي أوجبت تحوّل حياة الإنسان من المرحلة الابتدائية المظلمة، الشبيهة بحياة الحيوانات، إلى هذه المرحلة، ثمّ في المستقبل إلى المراحل التي لا تقع في ذهننا اليوم، و من المحسوس عجز الحيوانات عن هذا التحوّل.

البحث الثالث: في حقيقة الإنسان‌

إنّ الإنسان له بدن مادّي محسوس، و له نفس إنسانيّة سوى البدن، و الكلام فيه تارة من جهة


[1] . لاحظ أسفار الشيرازي ج 9 ص 78- 82.

اسم الکتاب : الفقه و مسائل طبية - ط بوستان کتاب المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست