اسم الکتاب : الفقه و مسائل طبية - ط بوستان کتاب المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 184
و عن موضع من التهذيب: «كلّ
شيء يكون منه حرام و حلال ...[1]».
لكن
الحديث لا يدلّ على المراد:
أمّا
أوّلا: فلاختصاصه بالشبهات الموضوعية ظاهرا دون الشبهات الحكمية، التي منها المقام
كما هو غير خفي.
و
أمّا ثانيا: فلأنه من جملة ما دلّ على أصالة البراءة، و هو أصل ينفي الحكم و ليس
بمثبت لحكم تكليفي و لا لحكم وضعي كما في المقام، حيث يراد إثبات الملكية
الاعتبارية.
فإن
قلت: البراءة تنفي العقاب بأخذ الثمن و أكله- و هذا هو المقصود- و إن لم تثبت
الملكية.
قلت:
استصحاب عدم انتقال مال المشتري مقدّم على البراءة، و هو يقتضي حرمة التصرّف في
المال المذكور.
إذا
بلغ الكلام الى هنا فينبغي أن ندع الأصول العملية و نتمسّك باطلاق ما دلّ على صحّة
البيع و التجارة، كقوله تعالى: أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ
حَرَّمَ الرِّبا[2]، و
قوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ[3]، و
لا يعتبر في المبيع إلّا التمول أو الملك.
قال
الشيخ الأنصاري- قدس اللّه روحه الطيبة- في بحث شرائط العوضين من مكاسبه:
يشترط
في كلّ منهما كونه متمولا؛ لأنّ البيع- لغة- مبادلة مال بمال، و قد احترزوا بهذا
الشرط عمّا لا ينتفع به منفعة مقصودة للعقلاء محلّلة في الشرع؛ لأنّ الأوّل ليس
بمال عرفا كالخنافس و الديدان ... و الثاني ليس بمال شرعا كالخمر و الخنزير، ثمّ
قسموا عدم الانتفاع إلى ما يستند إلى خسّة الشيء كالحشرات، و إلى ما يستند الى
قلّته كحبة حنطة، و ذكروا أنّه ليس مالا و إن كان يصدق عليه الملك؛ و لذا يحرم
غصبه إجماعا ..، و الأولى أن يقال: إنّ ما تحقق أنّه ليس بمال عرفا فلا إشكال و لا
خلاف في عدم جواز وقوعه أحد العوضين؛ إذ لا بيع إلّا في ملك، و ما لم يتحقّق فيه
ذلك، فإن كان أكل المال في مقابله أكلا بالباطل عرفا فالظاهر فساد المقابلة، و ما
لم يثبت فيه ذلك فإن ثبت دليل من نصّ أو إجماع على عدم جواز بيعه فهو، و إلّا فلا
يخفى وجوب الرجوع إلى عموم صحّة البيع و التجارة ...
ثمّ
إنّهم احترزوا باعتبار الملكية في العوضين من بيع ما يشترك فيه الناس كالماء و
الكلا و السموك