صَولاتِ الأَضاليلِ كَما حُمِّلَ، فَاضطَلَعَ قائِماً بِأَمرِكَ، مُستَوفِزاً[1] في مَرضاتِكَ، غَيرَ ناكِلٍ عَن قُدُمٍ، ولا واهٍ في عَزمٍ، واعِياً لِوَحيِكَ، حافِظاً لِعَهدِكَ، ماضِياً عَلى‌ نَفاذِ أمرِكَ، حَتّى‌ أورى‌ قَبَسَ القابِسِ‌[2]، وأَضاءَ الطَّريقَ لِلخابِطِ[3]، وهُدِيَت بِهِ القُلوبُ بَعدَ خَوضاتِ الفِتَنِ وَالآثامِ، وأَقامَ بِموضِحاتِ الأَعلامِ ونَيِّراتِ الأَحكامِ.

فَهُوَ أمينُكَ المَأمونُ، وخازِنُ عِلمِكَ المَخزونِ، وشَهيدُكَ‌[4] يَومَ الدّينِ، وبَعيثُكَ‌[5] بِالحَقِّ، ورَسولُكَ إلَى الخَلقِ.

اللَّهُمَّ افسَح لَهُ مَفسَحاً في ظِلِّكَ، وَاجزِهِ مُضاعَفاتِ الخَيرِ مِن فَضلِكَ، اللَّهُمَّ وأَعلِ عَلى‌ بِناءِ البانينَ بِناءَهُ، وأَكرِم لَدَيكَ مَنزِلَتَهُ، وأَتمِم لَهُ نورَهُ، وَاجزِهِ مِنِ ابتِعاثِكَ لَهُ مَقبولَ الشَّهادَةِ، ومَرضِيَّ المَقالَةِ، ذا مَنطقٍ عَدلٍ، وخُطبَةٍ فَصلٍ.

اللَّهُمَّ اجمَع بَينَنا وبَينَهُ في بَردِ العَيشِ‌[6]، وقَرارِ النِّعمَةِ، ومُنَى الشَّهَواتِ، وأَهواءِ اللَّذّاتِ، ورَخاءِ الدَّعَةِ، ومُنتَهَى الطُّمَأنينَةِ، وتُحَفِ الكَرامَةِ.[7]

145. عنه عليه السلام:

الحَمدُ للَّهِ رَبِّ العالَمينَ، وصَلَّى اللَّهُ عَلى طَيِّبِ المُرسَلينَ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللَّهِ، المُنتَجَبِ الفاتِقِ الرّاتِقِ.[8]

[1]. الوَفز: العَجَلة( الصحاح: ج 3 ص 901« وفز»).

[2]. قال ابن الأثير: ومنه حديث عليٍّ عليه السلام:« حتّى أورى‌ قَبَساً لِقابس»؛ أي أظهَر نوراً من الحقّ لطالبه. والقابِس: طالِب النار، وهو فاعل من قَبَس( النهاية: ج 4 ص 4« قبس»).

[3]. الخَبْط: المشي على غير الطريق( مجمع البحرين: ج 1 ص 491« خبط»).

[4]. شهيدك يوم الدين: أي شاهدك على امّته يوم القيامة( النهاية: ج 2 ص 513« شهد»).

[5]. بعيثُك: أي مبعوثك الذي بعثته إلى الخلق، فهو فعيل بمعنى مفعول( النهاية: ج 1 ص 138« بعث»).

[6]. بَرْدُ العَيش: طِيب العيش( مجمع البحرين: ج 1 ص 136).

[7]. نهج البلاغة: الخطبة 72، الغارات: ج 1 ص 159 عن أبي سلام الكندي نحوه، بحار الأنوار: ج 94 ص 83 ح 3 و 4؛ المصنّف لابن أبي شيبة: ج 7 ص 82 ح 3، المعجم الأوسط: ج 9 ص 43 ح 9089، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 19 ص 135 كلاهما عن سلامة بن الكندي وكلّها نحوه، كنز العمّال: ج 2 ص 270 ح 3989.

[8]. الفاتق الراتق: يعني فاتِق الجور وممزّقه، وراتق الخلل الذي وقع في الدّين. والكلام استعارة( مجمع البحرين: ج 3 ص 1359« فتق»).