وجَزيلِ عَطائِكَ عِندي، وعَلى ما فَضَّلتَني بِهِ مِن رَحمَتِكَ، وأَسبَغتَ عَلَيَّ مِن نِعمَتِكَ، فَقَدِ اصطَنَعتَ عِندي ما يَعجِزُ عَنهُ شُكري.
ولَولا إحسانُكَ إلَيَّ، وسُبوغُ نَعمائِكَ عَلَيَّ، ما بَلَغتُ إحرازَ حَظّي، ولا إصلاحَ نَفسي، ولكِنَّكَ ابتَدَأتَني بِالإِحسانِ، ورَزَقتَني في اموري كُلِّهَا الكِفايَةَ، وصَرَفتَ عَنّي جَهدَ البَلاءِ، ومَنَعتَ مِنّي مَحذورَ القَضاءِ.
إلهي! فَكَم مِن بَلاءٍ جاهِدٍ قَد صَرَفتَ عَنّي، وكَم مِن نِعمَةٍ سابِغَةٍ أقرَرتَ بِها عَيني، وكَم مِن صَنيعَةٍ كَريمَةٍ لَكَ عِندي.
أنتَ الَّذي أجَبتَ عِندَ الاضطِرارِ دَعوَتي، وأَقَلتَ عِندَ العِثارِ زَلَّتي، وأَخَذتَ لي مِنَ الأَعداءِ بِظُلامَتي.
إلهي! ما وَجَدتُكَ بَخيلًا حينَ سَأَلتُكَ، ولا مُنقَبِضاً حينَ أرَدتُكَ، بَل وَجَدتُكَ لِدُعائي سامِعاً، ولِمَطالِبي مُعطِياً، ووَجَدتُ نُعماكَ عَلَيَّ سابِغَةً في كُلِّ شَأنٍ مِن شَأني، وكُلِّ زَمانٍ مِن زَماني.
فَأَنتَ عِندي مَحمودٌ، وصَنيعُكَ لَدَيَّ مَبرورٌ، تَحمَدُكَ نَفسي ولِساني وعَقلي حَمداً يَبلُغُ الوَفاءَ وحَقيقَةَ الشُّكرِ، حَمداً يَكونُ مَبلَغَ رِضاكَ عَنّي، فَنَجِّني مِن سُخطِكَ.
يا كَهفي حينَ تُعيينِي المَذاهِبُ، ويا مُقيلي عَثرَتي، فَلَولا سَترُكَ عَورَتي لَكُنتُ مِنَ المَفضوحينَ، ويا مُؤَيِّدي بِالنَّصرِ، فَلَولا نَصرُكَ إيّايَ لَكُنتُ مِنَ المَغلوبينَ، ويا مَن وَضَعَت لَهُ المُلوكُ نيرَ[1] المَذَلَّةِ عَلى أعناقِها، فَهُم مِن سَطَواتِهِ خائِفونَ، ويا أهلَ التَّقوى، ويا مَن لَهُ الأَسماءُ الحُسنى.
أسأَ لُكَ أن تَعفُوَ عَنّي، وتَغفِرَ لي، فَلَستُ بَريئاً فَأَعتَذِرَ، ولا بِذي قُوَّةٍ فَأَنتَصِرَ، ولا
[1]. النِّيرُ: الخشبة التي تكون على عنق الثور بأَداتها( لسان العرب: ج 5 ص 246« نير»).