يحرص القرآن
الكريم في إيراده لقصص الأقوام على التركيز على عواقب الأمور ، فيؤكد دائما أن (تِلْكَ
الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ
وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)[2]
، ولكي لا يعمي الواقع الراهن أبصار الناس بزخارف أصحاب المال ومظاهر قوة ذوي
السلطان ، فإنه يأمر الناس بأن يسيروا في الأرض فينظروا لا إلى الآثار وإنما إلى
العاقبة والنهايات ((قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) [3].
ذلك أن
المشكلة التي تعترض الكثير من الناس هو أنهم يريدون أن يروا النتائج عاجلة ،
فييأسوا مع تأخرها من نصر الله ، بينما ينصحهم القرآن بأن ينظروا إلى سنن الله في
الذين خلوا من قبل ، وهذه السنة لن تخطئ من يعاصرونهم من الظالمين والمجرمين .
وفي قضية
كربلاء شاهد صدق على سنة الله في الظالمين , وبرهان حق على أن ( العاقبة للتقوى )
. انظر إلى تأريخ القتلة والمشاركين في الظلم ، لم يمر عقد من الزمان إلا وقد
تنشبت بهم أنياب أعمالهم فأصبحوا في وهق خطاياهم السابقة . وهلكوا غير مأسوف عليهم
من أحد .
وهذه النتائج
لأولئك الأشخاص الذين قاموا بالجرائم حرصا على دنياهم ورغبة في بقائهم ، فلا متع
الدنيا حصلوا عليها ولا البقاء أتيح لهم ، فكما قلنا ما مر عقد من الزمان إلا وقد
ابتلعت الأرض أجسادهم ، وفرقت عن الأجسام رؤسهم .