responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 350

لمجرّد بُعد الشُّقّة و شدّة الزّمان و كثرة العدوّ، فإنّه قد أرسل قبل سنة و شهرين سريّة إلى مؤته و هي أبعد من تبوك بكثيرٍ، لأنّها تقع في تخوم البلقاء من أرض الشّام، و كانت حشود الأعداء عظيمة و هائلة و الشُّقّة أبعد، و عدد جيش المسلمين لا يصل إلى عُشر عدد الجيش الّذي جهزّه هو. من أجل ذلك نقول: لعلّ الأصحّ هو أنّه قد أراد فيما أراد:

1. أن يفضح حقيقة نوايا تلك الطّغمة الّتي تتربّص بالإسلام و المسلمين شرّاً، و هذا ما أشار إليه الشّيخ المفيد «رحمه الله» حيث قال عن تبوك:

«فأوحى الله تبارك و تعالى اسمه إلى نبيّه (ص) أن يسير إليها بنفسه، و يستنفر النّاس للخروج معه، و أعلمه أنّه لا يحتاج فيها إلى حرب و لا يمنى بقتال عدوٍّ، و أنّ الأمور تنقادله بغير سيف، و تَعَبَّدَه بامتحان أصحابه بالخروج معه و اختبارهم، ليتميّزوا بذلك، و تظهر به سرائرهم.

فاستنفرهم النّبيّ (ص) إلى بلاد الرّوم، و قد أَيْنَعَت ثمارهم،[1] و اشتدّ القيظ[2] عليهم، فأبطأ أكثرهم عن طاعته رغبةً في العاجل و حرصاً على المعيشة و إصلاحها و خوفاً من شدّة القيظ و بعد المسافة و لقاء العدوّ، ثمّ نهض بعضهم على استثقالٍ للنّهوض و تخلّف آخرون ...».[3] 2. إنّه (ص) أراد أن يقدم نموذجاً عمليّاً لأمر الإمامة من بعده و ذلك بأن يجعل النّاس يتحسّسون الحاجة إلى الحافظ القوي، و الإمام الوصي، حتّى لايعبث أصحاب الأطماع بمصير النّاس، و لا يفرضوا عليهم مساراً يؤدّي بهم إلى البوار و الهلاك.

3. إنّ ذلك لابدّ من أن يثير الزّهو و الشّعور بالعزّة في مجتمع المسلمين أينما كانوا و حيثما و جدوا، و سيشدّ أنظارُ كلّ النّاس إليهم و سيشتاقون إلى اللّحاق


[1] 1. أَيْنَعَ الثّمر: أدرك و طاب و حان قطافه

[2] 2. القيظ: الشّديد الحرّ

[3] 3. الإرشاد، ج 1، ص 154 و 155، و البحار، ج 21، ص 207.

اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 350
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست