اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 308
أبوسفيان يتحسّس الأخبار، فخرج هو و حكيم بن حِزام فلقيا بُديل بن ورقاء، فاستتبعاه، فلمّا بلغوا الأراك[1] من مَرّ الظَّهران و ذلك عشيّاً رأوالعسكر و القِباب و النّيران كأنّه نيران عَرَفَة و سمعوا صَهيل الخيل و رُغاء الإبل،[2] فأفزعهم ذلك فزعاً شديداً.
فلقيهم العبّاس على بغلة رسول الله (ص) الشَّهباء و قال لأبي سفيان: ويلك!! هذا رسول الله (ص) في عشرة آلاف. فقال:
و اصباح قريش[3]، بأبي أنت و أمّي، فما تأمرني، هل من حيلةٍ؟ قال: نعم، اركب عَجُزَ هذه البغلة، فَأَذهَبُ بك إلى رسول الله (ص) فَأَستأمنه لك. فإنّه و الله إن ظفر بك دون رسول الله (ص) لتقتلنّ. فقال: و أنا و الله أرى ذلك.
قال العبّاس كما جاء في رواية الواقدي-: فأردفته خلفي و اتّجهت نحو معسكر المسلمين، و كانوا قد أوقدوا النّيران ليلًا: فكلّما مررت بنارٍ من نيران المسلمين، قالوا: مَن هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله (ص) و أنا عليها قالوا: عمّ رسول الله (ص) على بغلته ....
فحرّكت البغلة حتّى اجتمعنا على باب خيمة رسول الله (ص)، فدخلت و إيّاه على النّبيّ (ص)، فقال عمر بن الخطّاب: يا رسول الله، هذا أبوسفيان قد امكن الله منه، فدعني أضرب عنقه. فقلت: إنّي قد أجرته يا رسول الله ... فقطع النّبيّ حوارهما بقوله للعباس: اذهب به، فقد أجرته لك، فَلْيَبِتْ عندك حتّى تغدوا به علينا إذا أصبحتَ.
فلمّا أصبحتُ غدوتُ به، فلمّا رآه رسول الله (ص) قال: و يحك يا أبا سفيان، ألم يأنِ لك أن تعلم أن لا إله إلّا الله؟ قال: بأبي أنت، ما أحلمك و أكرمك و أعظم عفوك! قد كان يقع في نفسي أنّه لو كان مع الله إله لقد أغني عنّي شيئاً (يوم بدر