اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 248
فقال عمرو: أيّها النّاس! إنّكم تزعمون أنّ قتلاكم في الجنّة، و قتلانا في النّار. أفما يحبّ أحدكم أن يقدم على الجنّة، أو يقدم عدوّاً له إلى النّار؟ فلم يقم إليه أحدٌ.
فقام علي (ع) دفعة ثانية، قال: أنا له يا رسول الله، فأمره بالجلوس.
فجال عمرو بفرسه، مقبلًا مدبراً، و جاءت عظماء الأحزاب و وقفت من وراء الخندق و مدّت أعناقها تنتظر، فلمّا رأى عمرو: أنّ أحداً لا يجيبه قال:
و لقد بححت من النّداء بجمعهم هل من مبارز؟ ...
فقام علي (ع)، فقال: يا رسول الله! ائذن لي في مبارزته. فلمّا طال نداء عمرو بالبراز، و تتابع قيام أميرالمؤمنين (ع)، قال له رسول الله (ص): ادن منّي يا علي. فدنا منه، فقلّده سيفه (ذاالفقار) و نزع عِمامته من رأسه و عمّمه بها، و قال: امض لشأنك.[1]
فلمّا ولي (ع) قال النّبيّ (ص): اللّهم احفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوق رأسه و من تحت قدميه.[2] و يضيف البعض: أنّه رفع عِمامته و رفع يديه إلى السّماء بمحضر من أصحابه، و قال: اللّهم إنّك أخذت منّي عبيدة بن الحرث يوم بدر، و حمزة بن عبدالمطّلب يوم أحد، و هذا أخي علي بن أبي طالب. «رَبِّ لا تَذَرْنِى فَرْداً وَ أَنْتَ خَيرُ الْوارِثِينَ[3]»[4] و قال (ص) حينئذٍ: برز الإسلام (أو الإيمان) كلّه إلى الشّرك كلّه.[5] فخرج له علي (ع) و هو راجل، و عمرو فارساً، فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا
[1] 1. راجع: شرح النهج للمعتزلي، ج 19، ص 63 و 64، و الإرشاد، ص 59 و 60
[2] 2. مجمع البيان، ج 8، ص 343، و بحار الأنوار، ج 20، ص 203 و ج 41، ص 88