اسم الکتاب : صفوة الصحيح من سيرة النبى الأعظم المؤلف : العاملي، السيد جعفر مرتضى الجزء : 1 صفحة : 221
خلفهم، و رأت قريش المنهزمة عودة رجالها للحرب، و رفعت الحارثيّة[1] لواءهم الّذي كان ملقى على الأرض فعادوا إلى الحرب من جديدٍ.
و إذا كان المسلمون قد تفرّقوا، و انتقضت صفوفهم، و لم يعودوا صفّاً واحداً كالبنيان المرصوص، يشدّ بعضه بعضاً، و فقدوا الارتباط بقيادتهم الحكيمة، و هم في طلب المغنم، فمن الطّبيعي أن لا يتمكّنوا من مقاومة هذه الحملة الضّارية، و أن يضيّعوا بين أعدائهم، فكان هَمُّ كلّ واحد منهم أن ينجو بنفسه، فقد «اهمّتهم أنفسهم» على حدّ تعبير القرآن الكريم؛ لا سيّما و أنّ أحد المشركين قد قصد مُصعب بن عُمير و هو يذبّعن رسول الله (ص) فظنّ أنّه الرّسول، فقتله، فنادى قاتل مصعب أو غيره-: أنّ محمّداًقد قَتل، فازداد المشركون جرأةً، و هزم المسلمون الّذين لم يستطيعوا جمع شملهم و لَمَّ شَعَثِهِم،[2] و ثبت علي (ع) و حده معه (ص) يدافع عنه.
و خلص العدوّ إلى رسول الله (ص) و كُلِمت[3] شفتُه، و شُجَ[4] في وجهه، و نشبت حلقتان من الدّرع في وجهه الشّريف، و دُثَ[5] بالحجارة حتّى وقع لِشَقّه[6] كذا يقولون.
و حين هزم المسلمون، جعل الرّسول (ص) يدعوهم في أخراهم: إلى عبادَ الله، إلى عباد الله، إلى يا فلان، إلى يا فلان؛ و هم يصعدون و لا يلوون، و لا يعرج عليه أحدٌ، و النّبل يأتي إليه من كلّ ناحية.
و استمرّوا في هزيمتهم حتّى الجبل، و فيهم أبوبكر، و عمر، و طلحة و سعد بن